بل أعمّ من أن يكون ذلك او يكون فيه مجازات لا يعرفها العرب ، ومع ذلك قد وجد فيه كلمات لا يعلم المراد منها ، كالمقطّعات ، ثم قال سبحانه : (آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ ،) الآية ، ذمّ على اتّباع المتشابه ، ولم يبيّن لهم المتشابهات : ما هي ، وكم هي ،
______________________________________________________
فانّ الله سبحانه وتعالى ، لم يضع ألفاظا جديدة.
(بل أعمّ من ان يكون ذلك) أي بوضع جديد ، (أو يكون فيه مجازات) فانّه سبحانه وتعالى ، كثيرا ما أراد غير الظاهر ، سواء كان غير الظاهر ، بسبب وضع جديد ، أو بسبب ارادة المجاز ، حيث يذكر قرينتها في الكلام ، ممّا(لا يعرفها العرب) فالشارع ـ مثلا ـ يستعمل : الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والاعتكاف ، وما اشبه في معاني خاصّة مخترعة ، لم تكن لهذه الألفاظ هذه المعاني ، في اللغة العربية ، إلى غير ذلك.
(ومع ذلك) أي مضافا إلى ما ذكرناه : (قد وجد فيه) أي : في القرآن (كلمات لا يعلم المراد منها) اطلاقا ، (كالمقطعات) في أوائل السور ، فثبت انّ القرآن الحكيم على اسلوب جديد ، ولم يصدر للأفهام ، وانّما فيه اصطلاحات ، ومقطّعات ، ومجازات ، لا يظهر المراد منها.
هذا كلّه بالنسبة إلى الصغرى ، وانّ القرآن متشابه ، ثمّ نأتي إلى الكبرى ، واليها أشار بقوله : (ثمّ قال سبحانه : (آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) الآية) (١).
وقد(ذمّ) الله (على اتباع المتشابه ، ولم يبين لهم المتشابهات ما هي؟ وكم هي؟) أي ما هي حقيقة المتشابه؟ وكم من الآيات القرآنية آيات متشابهة؟.
__________________
(١) ـ سورة آل عمران : الآية ٧.