الخصوص من غير قرينة ، وربما اخاطب أحدا واريد غيره ، ونحو ذلك» فحينئذ لا يجوز لنا القطع بمراده ولا يحصل لنا الظنّ به ، والقرآن من هذا القبيل ، لأنّه نزل على اصطلاح خاصّ ، لا أقول على وضع جديد ،
______________________________________________________
الخصوص من غير قرينة) واستعمل المطلقات ، واريد المقيّد من غير قرينة ، وأتكلّم بظاهر ، ولا أريد ذلك الظاهر ، وانّما اريد المعنى المجازي من ذلك الظاهر.(وربّما أخاطب أحدا ، وأريد غيره ، ونحو ذلك) كما قال بعض في قوله سبحانه : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ)(١) ، انّ المراد به : ذنب الامّة ، إلى غير ذلك.(فحينئذ) أي حين اذ علمنا : بانّ عادة فلان جارية على اسلوب كذا ، يكون كلامه متشابها ، والشارع من هذا القبيل ، لأنّه يعتمد القرائن المنفصلة كثيرا ما ، ف(لا يجوز لنا القطع بمراده ، ولا يحصل لنا الظنّ به) فلا يجوز الاعتماد عليه ، والعمل به (والقرآن من هذا القبيل) أي : من قبيل المتشابه الاصطلاحي (لانّه نزل على اصطلاح خاص) واسلوب جديد ؛ وذلك لانّ الله سبحانه وتعالى ، كثيرا ما يريد خلاف الظاهر من كلامه.
فقوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)(٢) ، وقوله تعالى : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)(٣) ، وغيرهما لم يرد بها ظاهرها.
وكذلك قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ...)(٤) ، وقوله تعالى : (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ...)(٥) ، وقوله تعالى : (وَحَرَّمَ الرِّبا)(٦) ، وغيرها من الآيات ، لم يرد بها عموماتها ، واطلاقاتها.
والمراد بالاصطلاح الخاص هو : اني (لا أقول) انّه نزل (على وضع جديد)
__________________
(١) ـ سورة الفتح : الآية ٢.
(٢) ـ سورة طه : الآية ٥.
(٣) ـ سورة الفتح : الآية ١٠.
(٤) ـ سورة البقرة : الآية ٢٧٥.
(٥) ـ سورة النساء : الآية ٢٩.
(٦) ـ سورة البقرة : الآية ٢٧٥.