ويتحقّق هنا قولان :
الأوّل : ما نقل عن بعض الأعاظم (١) : وهو عدم إمكان النسخ أصلا ، فإنّ صدور الأحكام الواقعيّة في مقابل الأحكام الصوريّة والأوامر الامتحانيّة يكون بداعي موافقة المكلّف وتحقّق المأمور به خارجا ، فإن حملنا الخاصّ على التخصيص في المثال يكون مبيّنا للمراد الجدّي للمولى ، وأنّ إرادته الجدّيّة تعلّقت من الابتداء بإكرام العلماء غير زيد.
وإن حملناه على النسخ يكون معناه رفع الحكم الثابت في الشريعة بعد اعتقاد المكلّف باستمراره بحسب إطلاق الدليل ، ولكنّ المانع من النسخ أنّه كيف يمكن أن يكون حكم العام حكما واقعيّا صادرا بداعي الإتيان في الخارج مع كون الخاصّ ناسخا له قبل حضور وقت العمل بالعام؟! ولا يصدق هنا رفع الحكم الثابت في الشريعة الذي هو معنى النسخ ؛ إذ لا يمكن نسخ الحكم الثابت بداعي العمل قبل وقت العمل به ، فلا بدّ من الحمل على التخصيص ، ولا مجال للنسخ.
القول الثاني : ما قال به المحقّق النائيني قدسسره (٢) ، وهو القول بالتفصيل بأنّ القضيّة المشتملة على الحكم العام إن كانت بنحو القضيّة الخارجيّة ـ مثل : أن يقول المولى : «أكرم كلّ عالم موجود بالفعل» يعني كلّ إنسان يكون في حال صدور هذا التكليف متّصفا بأنّه عالم ، ثمّ قال بعد يومين : «لا تكرم زيدا العالم» مع كونه في زمان صدور العام موجودا وعالما ـ فلا بدّ من حمل هذا الخاصّ الصادر قبل حضور وقت العمل بالعامّ على التخصيص ، فإنّ معنى النسخ هنا
__________________
(١) معالم الدين : ١٤٣.
(٢) أجود التقريرات ١ : ٥٠٧ ـ ٥٠٨.