كما أنّه مقتضى القاعدة في باب التعارض سواء كان التعارض بالذات ـ مثل : نفي مفاد كلّ واحد من الدليلين مفاد الآخر ـ أو بالعرض ـ مثل : أن يكون مفادهما قابلا للجمع ولكنّا نعلم خارجا بكذب أحدهما ـ وسواء كان التعارض بين الخبرين أو بين البيّنتين، وهكذا فيما نحن فيه ، فبعد العلم الإجمالي بعدم حجّيّة أصالة العموم بالنسبة إلى واحد منهما تقتضي القاعدة تساقطها بالنسبة إليهما ، فتجري أصالة البراءة عن وجوب إكرامهما معا.
تتمّة : إذا قال المولى : «أكرم أيّ عالم شئت» ، ثمّ قال بدليل منفصل : «لا يجب إكرام زيد العالم» وكونه مردّدا بين شخصين ، فالظاهر أنّه يلحق بالعامّ المجموعي ؛ إذ يتحقّق هنا أيضا تكليف واحد ، ولا يكفي إكرام أحدهما في مقام الامتثال ؛ لاحتمال كون كلّ واحد منهما مورد دليل المخصّص ، والموافقة اليقينيّة متوقّفة على إكرامهما معا ، فيكون هنا مجرى أصالة الاحتياط. هذا تمام الكلام في الشبهات المفهوميّة.
وإذا كان المخصّص مجملا بحسب المصداق كما لو لم نعلم أنّ العالم الفلاني ارتكب معصية كبيرة حتّى يكون فاسقا أم لا؟ فلا كلام في عدم جواز التمسّك بالعامّ لو كان متّصلا به ، فإنّ التمسّك بكلّ دليل فرع إحراز موضوعه خارجا بلا فرق بين أدلّة الأحكام الوجوبيّة والتحريميّة ، فإذا شككنا في خلّيّة مائع وخمريّته ـ مثلا ـ لا يجوز التمسّك بعموم «لا تشرب الخمر» ؛ لأنّ المرجع هنا أصل عملي ، وهو الاحتياط عند بعض العلماء ، والبراءة العقليّة عند بعض آخر ، ولكنّ عدم جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة متّفق عليه عند الكلّ.
مع أنّ المخصّص المتّصل بمنزلة الوصف ، ولا ظهور لجملة «أكرم العلماء إلّا