وثانيا : أنّه على فرض قبول تعدّد الاشتغال فهو لا يكون مساوقا مع التأسيسيّة ، بل يناسب التأكيد أيضا ؛ إذ لا بدّ في موارد التأكيد من الالتزام بتعدّد الاشتغال ، وإلّا يلزم أن يكون الحكم الثاني لغوا ، ولكن تعدّد الاشتغال قد يمتثل بإيجاد فرد واحد من المتعلّق في الخارج ، وقد يمتثل بإيجاد فردين منه فيه ، بل قد يمتثل تعدّد الاشتغال في مورد التأسيس أيضا بامتثال واحد ، كما مرّ في مثال ضيافة العالم الهاشمي ، وما يوجب شبهة عدم تعدّد الاشتغال في مورد التأكيد ، هو كفاية امتثال واحد ، مع أنّه لا يكون دليلا لذلك.
وثالثا : أنّه لا محلّ لمسألة التأكيد في مثال الإفطار أصلا ، بل يتحقّق في الإفطار بالمسكر عنوانان : أحدهما عنوان شرب المسكر ، وهو متعلّق التحريم ويترتّب عليه الحدّ ، والآخر عنوان الإفطار في شهر رمضان ، وهو أيضا متعلّق التحريم ويترتّب عليه التعزير ، وإن جمع أحد بين العنوانين فيتحقّق هنا حكمان مستقلّان فيترتّب عليه الحدّ والتعزير ، وهذا نظير الصلاة في الدار المغصوبة ، فخروج هذا المثال عن دائرة التأكيد لا شبهة فيه.
بقي من كلام الشيخ الأنصاري قدسسره فرض سببيّة البول والنوم لنفس الوضوء ، وكون المسبّب في القضيّتين عبارة عن نفس الوضوء ، وقال : إنّ المقصود من السببيّة هنا لا تكون السببيّة العاديّة والعقليّة حتّى يتحقّق المسبّب بعد تحقّق السبب قهرا ، بل المقصود منها السببيّة الجعليّة ، بمعنى تحقّق الارتباط بين البول والوضوء ، ولكنّه ليس بمعلوم إلّا لجاعل السببيّة أي الشارع.
وبعبارة اخرى : أنّ الوضوء عقيب البول والنوم مطلوب للشارع ، ولازم ذلك القول بالتداخل ، فإنّ المطلوب وقوع الوضوء عقيب النوم والبول ، فإذا بال المكلّف ونام ولم يتخلّل بينهما وضوء بل تحقّق وضوء عقيبهما يصدق أنّ