سبب وضوء واحدا وعلى فرض تقدّم شرط إحدى القضيّتين على شرط القضيّة الاخرى مستمرّا كتقدّم البول على النوم دائما يقول المولى : «إذا بلت فتوضّأ وإذا نمت فتوضّأ وضوء آخر» ، وأمّا إذا لم يكن أحدهما مقدّما على الآخر مستمرّا فحينئذ لا معنى لإضافة كلمة «وضوء آخر» إليهما ولا إلى أحدهما ، فلا محالة يقول : «إذا بلت فتوضّأ ، وإذا نمت فتوضّأ» بدون التعليق والتقييد بأيّ قيد ، ومعناه تعلّق الحكم بنفس طبيعة الوضوء ، والطبيعة الواحدة التي لم يلحظ فيها جهة الكثرة يستحيل أن يتعلّق بها وجوبان مستقلّان ، هذا تمام كلامه مع زيادة توضيح.
ويمكن جوابه بأنّ طريق بيان التعدّد لا ينحصر بما ذكرته ، ويصحّ تقييد الطبيعة في صورة الأخير أيضا ، وهو أن يقول المولى : «إذا بلت فتوضّأ بسبب البول ، وإذا نمت فتوضّأ بسبب النوم» ، كما كان كذلك في مثل : «النار سبب للحرارة» ، فإنّه في الباطن عبارة عن أنّ النار سبب للحرارة الآتية من قبل النار ، وإن لم يكن في الظاهر معلّقا ، وهكذا فيما نحن فيه ، فلا استحالة في البين. هذا طريق واحد ويمكن أن تتحقّق طرق اخرى ، فلا بدّ من البحث في مقام الإثبات.
إذا عرفت المقدّمات فلنشرع في أصل المسألة ، ونلاحظ في الابتداء أدلّة قول المشهور على عدم التداخل ، وما هو الأصل والأساس لأدلّتهم عبارة عمّا ذكره العلّامة الحلّي قدسسره في مختلف الشيعة (١) ، ومحصّله مع زيادة توضيح : أنّ في قضيّة «إذا بلت فتوضّأ وإذا نمت فتوضّأ» ـ مع أنّ الشرطين قد يكونا متقارنين وقد يكونا متعاقبين ـ تتحقّق أربعة احتمالات ، أن أبطلنا ثلاثة منها يتعيّن
__________________
(١) مختلف الشيعة ٢ : ٤٢٣.