عن محلّ النزاع ، فإنّه تكليف بمحال مع الواسطة ، ومنشؤه عدم مقدوريّة مكلّف به ، هذا على فرض ثبوت التضادّ بين الأحكام.
وأمّا بعد الإثبات بالأدلّة الأربعة أنّه لا يتحقّق التضادّ بينها ، فلا بدّ من إرجاع محلّ النزاع إلى التكليف بمحال ، وقد مرّ أنّ تعلّق الأمر والنهي بعنوان واحد مثل : «صلّ» و «لا تصلّ» لا إشكال فيه من حيث البعث والزجر ؛ إذ المحاليّة ناشئة عن عدم قدرة المكلّف على امتثالهما ، إذا كان الأمر في عنوان واحد هكذا يكون في عنوانين متصادقين بطريق أولى كذلك ، فلا يتحقّق هاهنا تكليف محال أصلا.
ثمّ ذكر صاحب الكفاية قدسسره (١) فرعا بعد الفراغ عن أصل مسألة الاجتماع ، وهو عبارة عن حكم الخروج عن الدار المغصوبة بعد دخولها بسوء الاختيار والالتفات ، مع أنّه أيضا تصرّف في مال الغير بدون إذنه ، ولكنّه مضطرّ إليه ، إلّا أنّ الاضطرار إليه يكون بسوء الاختيار ، مع أنّه ممّا ينحصر به التخلّص عن محذور الحرام.
ويستفاد من مجموع الكلمات أنّه يتحقّق هاهنا خمسة أقوال :
الأوّل : أنّه مأمور به ومنهيّ عنه معا مثل الصلاة في الدار المغصوبة ، واختاره العامّة والفاضل القمّي ناسبا له إلى أكثر المتأخّرين وظاهر الفقهاء ، وهذا القول مبتن على القول بجواز اجتماع الأمر والنهي في أصل المسألة ، ولكن لا يلزم على القائل بالاجتماع الالتزام بهذا القول ؛ إذ يمكن له أن يقول بعدم وجود الأمر هاهنا ، كما سيأتي.
الثاني : أنّه مأمور به فقط.
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٦٣.