ولا يقال : إنّ الصلاة في الدار المغصوبة هي الصلاة المطلقة ، ولا يمكن القول باجتماع الأمر والنهي هاهنا ، ولذا يكون خارجا عن محلّ النزاع.
لأنّا نقول : إنّه لا دخل لمعنى المطلق بهذه الكيفيّة في محلّ النزاع بعد تعدّد العنوانين وتصادقهما في واحد ، فيكون الأعمّ والأخصّ المطلق بكلا قسميه داخلا في محلّ النزاع.
وأمّا العموم والخصوص من وجه فهل يكون مطلقا داخلا في محلّ النزاع أم لا؟ وكان للمحقّق النائيني قدسسره (١) بيان مفصّل هاهنا ، وحاصله : أنّ مع وجدان الشرائط الثلاث للعموم والخصوص من وجه يدخل في محلّ النزاع :
الأوّل : أن يكون العموم من وجه بين المتعلّقين لا بين الموضوعين ، ومعلوم أنّ المتعلّق عبارة عن فعل المكلّف ، والموضوع عبارة عمّا يضاف فعل المكلّف إليه ، مثلا : يكون متعلّق النهي في مثل «لا تشرب الخمر» عبارة عن شرب الخمر ، والموضوع هو الخمر ، فلا بدّ من كون العموم من وجه بين المتعلّقين ، مثل : الصلاة في الدار المغصوبة ، فإنّ كلّا من الصلاة والغصب فعل المكلّف ، والنسبة بينهما العموم من وجه ، فيدخل في محلّ النزاع ، وأمّا مثل : «أكرم العالم» و «لا تكرم الفاسق» فهو خارج عن محلّ النزاع بلحاظ تحقّق العموم من وجه بين الموضوعين ـ أي العالم والفاسق ـ لا بين المتعلّقين ؛ إذ المتعلّق في كليهما أمر واحد ، وهو الإكرام.
وقد مرّ أن ذكرنا في مقام الاستدلال للقول بالجواز أنّ الصلاة من مقولة والغصب من مقولة اخرى ، ولا يمكن الاجتماع بين المقولات ؛ لتحقّق التباين بينها ، فتكون الصلاة بعنوان مقولتها متعلّق الأمر ، والغصب بعنوان مقولة
__________________
(١) فوائد الاصول ٢ : ٤١٠ ـ ٤١٢.