فلا يكون هذا التقسيم تقسيما مستقلّا للواجب ؛ إذ لا يجري كلّ واحد من قسمي التقسيم السابق في كلّ واحد من قسمي التقسيم اللّاحق.
وثانيا : ما هو المراد من كلمة المستقلّ بعنوان وصف الإرادة في كلامه ، سيّما مع العلّة التي ذكرها بقوله : للالتفات إليه بما هو عليه ، هل المراد منه الإرادة التفصيليّة ، والمراد من الالتفات أيضا الالتفات التفصيلي في مقابل الالتفات الإجمالي وعدم الالتفات رأسا ، أو المراد منه الإرادة الأصليّة في مقابل الإرادة التبعيّة؟ وكلاهما لا يخلو من إشكال ، فإنّ الأوّل يستلزم خروج الالتفات الإجمالي مع أنّه ليس بصحيح ؛ إذ لا دليل لاعتبار الالتفات التفصيلي فقط في الواجب النفسي ، بل كما أنّ العلم الإجمالي منجّز للتكليف كذلك الالتفات الإجمالي كاف في الواجب النفسي ، فيمكن أن يكون الواجب النفسي واجبا تبعيّا كالواجب الغيري.
والثاني يستلزم أن لا يكون الواجب الغيري واجبا أصليّا حتّى مثل الوضوء ؛ إذ الإرادة المتعلّقة به تابعة للإرادة المتعلّقة بالصلاة ، فلا يصحّ القول بأنّ الواجب الغيري قد يكون أصليّا وقد يكون تبعيّا ؛ لأنّ مقتضى المقدّميّة والغيريّة تبعيّة إرادته ، فلا يكون هنا دليل مقنع لارتباط تقسيم الواجب بالأصلي والتبعي بمقام الثبوت.
والصحيح ما قال به صاحب الفصول من ارتباط هذا التقسيم بمقام الدلالة والإثبات ، وعلى هذا يصحّ أن يكون كلّ واحد من الأصلي والتبعي واجبا نفسيّا ، ويصحّ أن يكون كلّ واحد منهما واجبا غيريّا وبالعكس ، كما اعترف به صاحب الكفاية قدسسره.
ثمّ ذكر المحقّق الخراساني قدسسره (١) في ذيل كلامه أنّه : إذا شكّ في واجب أنّه
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٩٥.