المحصورة ، وأما في مورد العلم التفصيليّ فلا موضوع لجعل الحكم الظاهري ، لأن الجهل بالواقع مأخوذ في موضوعه ، هذا توضيح ما ذكره في الكفاية.
والجواب عن ذلك أن الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي لا يبتني على اختلاف مرتبتهما ، ولا على كون الأحكام الواقعية غير فعلية من جميع الجهات ، بل على أن الأحكام لا مضادة بينها في أنفسها ، فان الحكم ليس إلّا اعتبار شيء على ذمة المكلف ، ومن الواضح أنه لا تنافي في الأمور الاعتبارية ، فالتنافي بين الأحكام لا بد وأن يكون أما من جهة المبدأ وأما من جهة المنتهى ، ونعبّر عن الأول مسامحة بالعلة وعن الثاني بالمعلول ، والمراد من المبدأ على رأي العدلية ومن وافقهم هو المصلحة أو المفسدة ، وعلى مسلك الأشاعرة المنكرين لتبعية الأحكام لهما هو الشوق والكراهة ، ومن المنتهى مقام امتثال الأحكام ، وحينئذ فلازم اجتماع الحكمين كالوجوب والحرمة وقوع التضاد بين المصلحة والمفسدة في المتعلق ، أو الشوق والكراهة وتعلقهما بشيء واحد وهكذا في اجتماع الوجوب أو الحرمة مع الترخيص هذا من حيث المبدأ.
وأما من حيث المنتهى فلعدم تمكن المكلف من امتثالهما ولو كان في غاية الطاعة والانقياد للمولى كسلمان ونظرائه ، فلا بد في الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري من علاج هاتين الحيثيتين وبالجملة لا تنافي بين الحكمين ذاتا ، سواء كانا واقعيين أو ظاهريين ، أو كان أحدهما واقعيا والآخر ظاهريا ، إذ الإنشاء بمجرده خفيف المئونة ، ولا مضادة بين قول افعل وقول لا تفعل ، ولا بين اعتبارين سواء كانا إلزاميين أو كان أحدهما إلزاميا والآخر ترخيصيا وذلك واضح.
فالمضادة بين حكمين لا بد وأن يكون بالعرض أما من ناحية المبدأ والعلة وأما من ناحية المنتهى والمعلول ، فان لازم اجتماع الوجوب والحرمة مثلا في مورد هو وجود المصلحة والمفسدة الملزمتين بلا كسر وانكسار في البين ، أو ثبوت الشوق