الثاني : ما إذا لم يتمكن من استعماله شرعا لحرمته ، أو لحكم الشارع بفساده.
الثالث : ما إذا لم يتمكن من استعماله عقلا مع التمكن من استعماله وجدانا واحتمال جوازه شرعا ، كما إذا علم بكون أحد الماءين غصبا ، فان كلا من الماءين يحتمل جواز استعماله شرعا ، إلّا انه ممنوع بحكم العقل ، لاحتمال الضرر وهو العقاب.
وشيء من هذه الأمور غير متحقق في المقام ، أو انه غير محرز التحقق. اما عدم التمكن من استعماله وجدانا ، فعدم تحققه ظاهر. واما عدم التمكن منه بحكم العقل فكذلك ، لعدم احتمال العقاب في التوضي بالماء النجس. غايته انه لا يجزي في مقام الامتثال. واما عدم التمكن منه شرعا فهو أيضا غير متحقق لو كان المانع الحرمة التكليفية ، لما عرفت من عدم حرمة التوضي بالماء النجس إذا لم يكن بقصد التشريع كما هو المفروض ، نعم المنع الشرعي من جهة الحرمة الوضعيّة امر يحتمل تحققه ، إلّا انه غير محرز ، والعلم بوجوب الوضوء أو التيمم يقتضي الجمع بينهما.
وان شئت قلت : ان العلم بنجاسة الماء أو التراب بعد فرض تساقط الأصول فيهما لا يترتب عليه إلّا عدم جواز الاجتزاء بالوضوء بذلك الماء في مقام الامتثال ، وهو لا ينافي وجوبه لعلم إجمالي آخر بوجوبه ، أو بوجوب التيمم ، إذ المفروض تمكن المكلف من تحصيل الطهارة المائية أو الترابية. ومن ذلك يظهر بطلان القول بجريان حكم فاقد الطهورين عليه.
ثم ان الأحوط في محل الكلام تقديم التيمم على الوضوء ، بناء على اشتراط طهارة الأعضاء في صحة التيمم كما هو المعروف ، إذ التيمم على تقدير وجوبه مشروط بوقوعه على الأعضاء الطاهرة ، وهو لا يتحقق إلّا مع تقديمه على الوضوء كما هو ظاهر. بل ربما يقال بعدم صحة العمل الفاقد للشرط إذا كان تفويت الشرط