أصالة الحل ، والأصل الجاري في الطرف الآخر المترتب عليه جواز الشرب أصالة الطهارة ، والعلم الإجمالي بالحرام الموجود في البين يمنع جريانهما ، لا لخصوصية فيهما ، بل لأن جريانهما معا مناف للعلم الإجمالي ، فكما أن أصالة الطهارة المترتب عليها جواز الشرب إذا انضمت إلى أصالة الحل في الطرف الآخر لزم الترخيص في المعصية ، كذلك أصالة الحل إذا انضمت إليها أصالة الحل في الطرف الآخر ، فإذا علم حرمة أحد المائعين كان الترخيص في كليهما ترخيصا في المعصية ، وفي أحدهما بلا مرجح ، سواء كان الترخيص بلسان الحكم بالطهارة أو بلسان الحكم بالحلية ابتداء.
وان شئت قلت : الأمر في مثل المقام دائر بين سقوط أصالة الإباحة في محتمل الغصبية وسقوط أصالة الطهارة وأصالة الإباحة في محتمل النجاسة ، وبما أنه لا ترجيح في البين ، لا بد من سقوط جميعها. ومن هذا القبيل ما إذا علم بولية مائع أو نجاسة مائع آخر بنجاسة عرضية ، فان الأصل الجاري فيما يحتمل نجاسته بالعرض وان كان هو الاستصحاب ، والأصل الجاري في الطرف الآخر هو أصالة الطهارة ، إلّا أنه مع ذلك لا تصل النوبة إلى أصالة الطهارة فيما يحتمل نجاسته العرضية بعد سقوط الاستصحاب فيه ، فان العلم بالنجس في البين مانع عن جعل الطهارة الظاهرية بأي لسان يكون في كلا الطرفين ، لاستلزامه المخالفة القطعية ، ولا في أحدهما لأنه بلا مرجح. هذا كله فيما إذا كان الأصل الطولي موافقا في المؤدى مع الأصل الجاري في مرتبة سابقة عليه.
واما إذا كان مخالفا له ، فيرجع إليه بعد تساقط الأصول العرضية مطلقا ، من دون فرق بين كون الأصول العرضية متماثلة وكونها متخالفة ، فلو علم إجمالا بزيادة ركوع في صلاة المغرب أو نقصانه من صلاة العشاء بعد الفراغ منهما ، فقاعدة الفراغ في كل من الصلاتين تعارض مثلها في الأخرى ، وبعد ذلك يرجع إلى استصحاب