متضادة لم يمكن الجمع بينها عقلا ، مع ان المفروض خلافه ، بل المانع عن الشمول هو استلزامه الجمع في الترخيص ، وذلك لا يرتفع بتقييد الترخيص في كل منهما بعدم ارتكاب الآخر ، فان المكلف إذا لم يرتكب شيئا من الأطراف كان الترخيص في جميعها فعليا لا محالة ، وهو مستلزم للعلم بترخيص ما علم حرمته بالفعل ، وهو قبيح.
وبتقريب آخر : إذا علمنا حرمة أحد الإناءين وإباحة الآخر واقعا ، فالحرمة المعلومة غير مقيدة في الواقع بترك المباح يقينا ، كما أن الإباحة غير مقيدة بترك الحرام قطعا ، فالحكم بإباحة كل منهما مناف للعلم بالحرمة والإباحة المطلقتين ، وقد عرفت غير مرة أن الحكم الظاهري لا بد من أن يحتمل مطابقته للواقع ، والإباحة المشروطة لا يحتمل مطابقتها للواقع بالضرورة.
وببيان أوضح : الإباحة الظاهرية وإن لم تكن منافية للحرمة الواقعية إلّا أن ذلك فيما إذا لم يصل الحكم الواقعي إلى المكلف. وأما في فرض وصوله إليه صغرى وكبرى فالمنافاة بينهما متحققة لا محالة ، وتوضيح ذلك : ما تقدم من أن عدم المنافاة بين الحكم الظاهري والواقعي ليس لما أفاده شيخنا الأنصاري قدسسره من اختلاف موضوعيهما ، ولا لما ذكر في الكفاية من عدم فعلية الأحكام الواقعية على ما عرفت الحال فيها مفصلا في بحث الجمع بين الأحكام الواقعية والظاهرية ، بل لأن الحكم الّذي هو بمعنى الاعتبار النفسانيّ لا يضاد بنفسه الاعتبار الآخر على خلافه ، فالمضادة بينهما بالعرض ناشئة من التنافي بين مبدأيهما ، أعني بهما الإرادة والكراهة ونحوهما ، أو من التنافي في مقام الامتثال ، وشيء منهما غير متحقق في ظرف الجهل بالحكم الواقعي الّذي هو الموضوع للحكم الظاهري. أما التنافي من جهة المبدأ ، فلعدم نشوء الحكم الظاهري عما في المتعلق من الخصوصية المقتضية لتعلق الإرادة به تارة ، ولتعلق الكراهة به أخرى ، ولعدم تعلق شيء منهما به ثالثة ، بل هو ناشئ