الكذب لا يمنع عن احتمال غفلته واشتباهه ، فالعمل به معرض الوقوع في المفسدة ، لعدم العلم بمطابقة ما أخبر به للواقع ، فعموم التعليل قرينة قطعية على عدم إرادة المفهوم ، ولا أقل من كونه صالحا للقرينية ، فلا ينعقد للقضية ظهور في المفهوم.
وفيه : ان الإشكال المزبور يتوقف على إرادة عدم العلم من لفظ الجهالة ، وهو غير مراد قطعا ، بل الظاهر ان المراد منه السفاهة وفعل ما لا ينبغي صدوره من العاقل ، ويدل على ذلك انه لو أريد به عدم العلم لزم تخصيص الحكم بما دل على حجية البينة وفتوى الفقيه وأهل الخبرة وغير ذلك مما ثبت حجيته شرعا ، مع ان سياق الآية آب عن التخصيص ، فإذا لا مناص من ان تكون الجهالة بمعنى السفاهة وفعل ما يترتب عليه الوقوع في الندم العقلائي ، وحينئذ فمفاد الآية هو التحذير عما يكون العمل به سفاهة عند العقلاء ، وليس العمل بقول العادل من هذا القبيل كما هو المعروف من سيرتهم.
نعم أشكل الشيخ رحمهالله على ما ذكرناه من تفسير الجهالة بما حاصله (١) : ان العمل بقول الوليد لو كان سفاهة لما صدر ذلك من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى نزلت الآية رادعة لهم.
وجوابه : ان ترتيبهم الأثر على قوله لعله كان لعدم علمهم بفسقه ، فبين الله سبحانه لهم بلسان نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم وان العمل بقول الوليد بعد ثبوت فسقه مع عدم التبين يعد من السفاهة.
وقد أورد المحقق النائيني قدسسره بعد فرض كون الجهالة بمعنى عدم العلم على إنكار الشيخ رحمهالله للمفهوم بإيرادين (٢).
الأول : ما ذكره في تعارض المفهوم مع العموم ، وهو ان كلا من العموم
__________________
(١) فرائد الأصول : ١ ـ ١٦٨ (ط. جامعة المدرسين).
(٢) فوائد الأصول : ٣ ـ ١٧٠ ـ ١٧٣.