وجوب وصورته ، واما الإذن والترخيص فهو في مرتبة متأخرة عن مرتبة الحكم الواقعي أعني به مرتبة الامتثال ، انتهى.
وفيما أفاده في كلا طرفي الحكم بالاحتياط والبراءة نظر.
اما في طرف الحكم بوجوب الاحتياط ، فيرد عليه.
أولا : أن تقيد وجوب الاحتياط بصورة موافقته للواقع لا تساعد عليه الأدلة ، فان الظاهر من قوله عليهالسلام «وقفوا عند الشبهة ... فان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» (١) أن نفس الشبهة من دون تقييد بموافقة الاحتمال للواقع موضوع للوجوب.
وثانيا : ان إيجاب الاحتياط في خصوص صورة المصادفة غير معقول من الحكيم ، لأنه لغو لا أثر له ، لعدم قابليته للوصول ، والمفروض أن الغرض منه التحفظ على الواقع غير الواصل ، فان المكلف لا يمكنه إحراز موافقته للواقع إلّا بعد إحرازه ثبوت التكليف الواقعي.
واما في طرف الحكم بالبراءة ، فيرد عليه : ان اختلاف المرتبة لا يرفع التضاد بين الحكمين ، ولذا يستحيل أن يأمر المولى بصلاة الجمعة ثم يرخص في تركه إذا علم بوجوبه ، مع أن الترخيص متأخر عن الوجوب بمرتبتين ، والسر فيه هو أنّ المضادة إنما هي بين حكمين فعليين في زمان واحد ، سواء كانا في مرتبة واحدة أو في مرتبتين ، ولا يقاس الترخيص الشرعي بالترخيص العقلي ، لتعدد الحاكم في المقيس عليه ووحدته في المقيس ، على أن العقل ليس له حكم تكليفي أصلا ، وإنما يدرك عدم استحقاق العقاب في موارد عدم البيان ، وهذا بخلاف الترخيص الشرعي الّذي هو حكم تكليفي.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٤ ـ باب ١٥٧ من أبواب مقدمات النكاح ، ح ٢.