[الفرع] السادس : اختلفوا في المباح هل هو من الشّرع أم لا؟
فنفاه قوم ، إذ
المباح ما لا حرج في فعله وتركه ، وذلك معلوم قبل الشّرع ، فلا يكون منه ، بل تكون
الإباحة تقريرا للنفي الأصليّ ، لا تغييرا.
والتحقيق : أنّ
النزاع لفظيّ ، فإنّ المباح إن عني به ما أذن الشارع في فعله وتركه ، فهو حكم
شرعيّ ، وإن عني به : ما لا يتعلّق بفعله ولا تركه ذمّ ولا عقاب ، فليس حكما
شرعيّا.
وأيضا إن عني بكون
الإباحة حكما شرعيّا : حصول حكمه غير الّذي كان مستمرّا قبل الشرع ، فليس كذلك ،
بل الإباحة تقرير لا تغيير.
وإن عني بكونه
شرعيّا : أنّ كلام الشارع دالّ على تحقّقه ، فهو كذلك ، لأنّ الإباحة الشرعية
تتحقّق بأحد أمور ثلاثة :
الأوّل : أن يقول
الشارع : إن شئتم فافعلوا ، وإن شئتم فلا تفعلوا.
الثاني : أن تدلّ
أخبار على انتفاء الحرج في الفعل ، والترك.
الثالث : ألا
يتكلّم الشارع فيه بأمر ، لكن ينعقد الإجماع مع ذلك بأنّ ما لم يرد فيه طلب فعل ،
ولا ترك ، فالمكلّف مخيّر فيه.
[الفرع] السابع : اختلفوا في المباح هل هو ، داخل في مسمّى الواجب أم لا؟
والحقّ : أنّ
النزاع لفظيّ ، فإنّ المباح إن عني به ما لا حرج في فعله ، فهو جنس للواجب والمباح
بالمعنى الأخصّ ، ويكون داخلا في الواجب.
وإن عني به ما لا
حرج في فعله ولا تركه ، فهو مضادّ ومباين للواجب.