نعم انّه حكم بمطابقة ما في ذهنه للخارج فأخطأ في الإطلاق ، فاللّفظ الموضوع للخارجيّ لم يختلف في نفس الأمر.
وجواز إطلاق اللّفظ على الشّيء مشروط باعتقاد أنّه كذلك في الخارج ، والكذب في المركّب إنّما يمتنع لو كانت دلالته قطعيّة.
البحث الخامس : في تعريف الوضع (١)
اعلم أنّ الأمور الشرعيّة ترجع إلى الكتاب والسنّة ، وهما عربيّان ، فيجب البحث عن النّحو المتعلّق بهما ، والتّصريف واللغة ، حيث إنّهما واردان بلغة العرب ، لما ستعرف من أنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به فهو واجب.
ولا طريق للعقل المحض إلى معرفة هذه الأشياء ، لتعلّقها بالنّقل ، فإذا طريق المعرفة إمّا النقل ، أو المركّب من العقل والنقل.
أمّا النقل ، فمنه متواتر ، وهو ما يعلم وضعه بنقل مفيد للعلم ، كالسماء والأرض ، ورفع الفاعل ، ونصب المفعول ، وإمّا آحاد ، وهو كثير.
وأمّا المركّب ، فهو كما إذا استفدنا بالنّقل جواز الاستثناء من الجمع ، وأنّ الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل ، فيعلم بالعقل بواسطة النّقلين أنّ الجمع للاستغراق.
وقد اعترض (٢) بامتناع التواتر ، فإنّ الألفاظ الظاهرة المتداولة المشهورة بين الناس ، اختلف الناس فيها اختلافا يمتنع معه القطع ، فكيف الألفاظ الخفيّة.
__________________
(١) في «ج» : في كيفيّة تعريف الوضع.
(٢) المعترض هو الفخر الرازي في المحصول : ١ / ٦٩.