الثاني : لو لم يكن إيّاه ، لكان ضدّا ، أو مثلا ، أو خلافا ، لأنّهما إمّا أن يتساويا في صفات النّفس أو لا ، والأول المثلان ، والثاني إمّا أن يتنافيا بأنفسهما ، أو لا ، والأوّل الضدّان ، والثاني المختلفان.
ولو كان كانا مثلين ، أو ضدّين ، لم يجتمعا ، ولو كانا خلافين ، جاز وجود أحدهما مع ضدّ الآخر وخلافه ، لأنّه حكم الخلافين ، ويستحيل الأمر مع ضدّ النهي عن ضدّه ، وهو الأمر بضدّه ، لأنّهما نقيضان أو تكليف بغير الممكن. (١)
والجواب عن الأوّل : بالمنع من الاتّحاد ، وكيف لا والحركة والسكون أمران وجوديّان ، فعدم أحدهما ليس هو وجود الآخر.
وعن الثاني : لا يلزم من الخلاف جواز الانفكاك بأن يوجد أحدهما مع ضدّ الآخر ، وإن جاز ذلك في بعض الصور ، أمّا في الجميع فلا.
تذنيب
من الناس من طرد البحث في النّهي فقال : «النّهي عن الشيء أمر بضدّه» وهو اختيار القاضي أبي بكر (٢) لما تقدّم في وجهه ، وبأنّ النهي طلب ترك فعل ، والترك فعل الضدّ ، فيكون أمرا بالضدّ.
وقد تقدّم الجواب عن الوجهين.
وعن الثالث : بالمنع من كون الترك فعلا ، ولو سلّم ، رجع النزاع لفظيّا.
__________________
(١) لاحظ التقريب والإرشاد : ٢ / ٢٠٢ ـ ٢٠٤.
(٢) التقريب والإرشاد : ٢ / ٢٠٠.