وإن كان المقصود منه غير الإفهام ، كان عبثا ممتنعا على الحكيم تعالى.
والجواب : المنع من انتفاء الفائدة مع التطويل ، فإنّ الفائدة وهي التكليف بالنظر في تحصيل القرينة ثابتة.
سلّمنا ، لكن لا نسلّم التكليف بالمحال لو انتفت القرينة ، فإنّ ذلك إنّما يحصل لو قلنا : إنّه مكلّف بالتّعريف التفصيليّ ، أمّا الإجماليّ فلا ، كأسماء الأجناس ، وفي الأحكام الاستعداد للامتثال مع البيان ، فإنّ ذلك سبب لنيل الثواب بالعزم على الفعل الّذي يتبيّن بعد.
المبحث الرابع : فيما ظنّ أنّه مشترك وهو متواطئ وبالعكس
اعلم أنّ بين المشترك والمتواطئ اشتراكا ، ربما ظنّ بسببه في أشياء من أحدهما (١) أو من الآخر.
فالأوّل كقولنا : «مبدأ» للنقطة ، والآن ، ظنّ أنّهما من قبيل المشترك ، لأجل اختلاف الموضوع المنسوب إليه ، وهو الخطّ والزّمان.
وليس كذلك ، فإنّ إطلاق المبدأ عليهما إنّما هو بالنظر إلى أنّ كلّ واحد منهما أوّل لشيء ، لا باعتبار كون ذلك الشيء خطّا أو زمانا ، فهو من المتواطئ.
وأمّا الثاني فكقولنا : «خمريّ» للعنب ، باعتبار أنّه يؤول إلى الخمر ، وللّون الشبيه بلون الخمر ، وللدّواء إذا كان يسكر كالخمر ، أو كان الخمر جزءاً منه ، فإنّه لمّا اتّحد الخمر ، وهو المنسوب إليه ، ظنّ أنّه متواطئ.
وليس كذلك ، فإنّ اسم «الخمريّ» وإن اتّحد المنسوب إليه ، إنّما كان بسبب النسب المختلفة إليه ، ومع الاختلاف فلا تواطؤ.
__________________
(١) أي من المتواطئ وهو مشترك أو بالعكس.