الرتبة ، فما تعتبر فيه إنّما تعتبر بين المخاطب والمخاطب ، دون من يتعلّق الخطاب به.
ولهذا جاز أن يكون أحدنا شافعا لنفسه ، وفي حاجة نفسه ، ولو اعتبرت الرّتبة في المشفوع فيه ، لما جاز ذلك ، كما لا يجوز أن يكون امرا نفسه وناهيا. (١)
والجواب : مسلّم أنّه يستقبح ، وهو دليلنا على عدم اعتبار الرّتبة ، ودليل يدلّ على أنّ الرّتبة معتبرة في حسن الأمر لا فيه ، ونمنع عدم اعتبار الرّتبة في الشفاعة بين الشافع والمشفوع فيه.
ولا نسلّم صحّة شفاعة أحدنا في نفسه إلّا على ضرب من التجوّز.
ثمّ إنّه نقل احتجاج المخالف من وجوه :
الأوّل : حمل الأمر على الخبر في عدم اعتبار الرّتبة.
الثاني : قوله تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ)(٢).
والطاعة تعتبر فيها الرّتبة كالأمر.
الثالث : قال الشاعر :
ربّ من أنضجت غيضا صدره |
|
قد تمنّى لي موتا لم يطع |
والموت من فعل الله تعالى ، ويستحيل عليه الطاعة.
ثمّ أجاب عن الأوّل بأنّه لو ساوى الأمر الخبر في اعتبار الرّتبة ، لجاز أن
__________________
(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ١ / ٣٥ ـ ٣٦.
(٢) غافر : ١٨.