وما تواترت به الاخبار.
ولسيدنا الأجل أطال الله تعالى وجمل الإسلام وأهله بدوام سلطانه وعلو كلمته وانبساط يده عالي الرأي إن شاء الله تعالى.
الكلام على ذلك : اعلم أن الراوي شرع النبي صلىاللهعليهوآله والناشر له في أطراف الأرض هو غير من ينفذه الى البلدان ، اما أميرا أو حاكما أو حاملا ، لان النقل والرواية والإشاعة مما يشترك فيه الخلق أجمعون على ما جرت به العادة ، ولا يقف على فرقة معينة ولا جماعة مخصوصة.
والامارة أو القضاء أو العمالة يقف على من خصه النبي صلىاللهعليهوآله بهذه الولاية ، وأفرده بها وأنفذه لها ، وهذا مما قد أشرنا إليه في الكلام المتقدم على هذا.
فان قيل : إذا كان الأمراء والعمال لا يؤدون الشرع ويبلغونه ، فما الفائدة في إنفاذهم؟
قلنا : في إنفاذهم فوائد ظاهرة لمن تأملها ، والأمراء ينفذون لحماية المتعزز وضبط الأطراف من الاعداء وحمايتها ، والقضاة للحكم وفصل الخصومات ، والعمال لجباية الأموال وقبض الصدقات ، فما في هؤلاء الا من ينفذ شرعا ويمضي أحكاما ، ليس المرجع في صحتها وثبوتها الى أدائه وتبليغه.
فان قيل : أليس قد ورد أنه عليهالسلام كان ينفذ أقواما لتعليم الناس وتوفيقهم وهذا هو الأداء والإبلاغ.
قلنا : التعليم والتوقيف غير الإبلاغ والأداء ، لأن المعلم لغيره هو الذي يرتب له الأدلة ويرشده الى طرقها ويقرب عليه سلوكها. ويوقفه على المقدم من الاحكام والمؤخر ونحوه، ان الفقيه يعلم غيره ، والمتكلم يوقف سواء (١)
__________________
(١) ظ : سواه.