تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)(١) ولم يخصص من شاهده وقرب منه دون من بعد عنه، وقال الله (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً)(٢).
ولو كان تبليغه لبعض من بعث .. مبعوث الى الخلق كافة ، لكانت الشهادة لهصلىاللهعليهوآله .. بلغ الرسالة ونصح الأمة غير واقع موقع الصحة .. بأنه لم ينقله الله تعالى الى دار كرامة .. من بعث اليه ، وكان موجودا في أيامه .. عذره بغير ما يقترحه من قال بالتواتر حسب .. عذرهم يكون بالارتحال اليه والمشافهة له .. يمكنون منه ويقدرون عليه.
فإذا لم يفعلوه .. وكان صلىاللهعليهوآله قد بلغهم وأزاحهم علتهم ... فبأي شيء علموا نبوته ووجوب الرحيل اليه ، وهل يسوغ .. على أهل الأرض أن يخلوا بلادهم ويرحلوا بأسرهم .. لرسول ، ويأخذوا عنه ويتفقهوا عليه وينفذوا .. عليهم بعد التفقه والحفظ.
فان قلتم ذلك فما الموجب له .. دلالة على لزومه.
هذه جملة مني أنعم سيدنا الأجل المرتضى (كبت الله أعداءه) بالإجابة عنها ، والتفضل بذكر ما يجري مجراها مجملا ومفصلا ، حسب ما تحتمله الحال ويتسع له الزمان مما لا ينتهي اليه غيره ، ولا يطمع في الظفر به سواه ، كان ذلك من أشرف ما بين وأجل ما ذكر ، لكثرة الانتفاع به والاعتماد عليه ، فيما لا يخلو المكلف من وجوبه ، ولا ينفك من لزومه.
وكان متى له (٣) حصله اطلع على ما يوصله إلى معرفة كل ما يرد عليه من المسائل والنوازل ، ويلزم غيره من العبادات والاحكام ، مضافا الى ظواهر القرآن
__________________
(١) سورة المائدة : ٣
(٢) سورة سبإ : ٢٨
(٣) ظ : زيادة «له»