__________________
ـ عليه والتعظيم له إلى حيث صار مجلسه وموضعه مستحقّا لهذا التعظيم والتسليم ، ومعلوم أن هذا أبلغ فى التعظيم مما إذا قيل سلام الله على فلان.
وثالثها : أنه تعالى قال : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى : ١١) فجعل لفظ المثل كناية عنه ، فإذا جاز ذلك فلم لا يجوز أن يجعل لفظ الاسم هنا أيضا كناية عنه؟.
ورابعها : وهو أحسن من جميع ما تقدم ، أنه لو قال : سبح ربك ، كان هذا أمر بتسبيح ذات الرب ، وتسبيح الشيء فى نفسه لا يمكن إلا بعد معرفته فى نفسه ، ولما امتنع فى العقول البشرية أن تصير عارفة بكنه حقيقته سبحانه وتعالى ، امتنع ورود الأمر بتسبيحه ، أما أسماؤه وصفاته فهى معلومة للخلق ، فلا جرم ورد الأمر بتسبيح أسمائه.
فهذا جملة الكلام فى الجواب عن الحجة الأولى.
وأما الجواب عن الحجة الثانية : فنقول : إن قوله تعالى : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها) يدل على أن الاسم غير مسمى لوجهين :
الأول : أن قوله : (إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها) يدل على أن تلك الأسماء إنما حصلت بجعلهم ووضعهم ، ولا شك أن تلك الذوات ما حصلت بجعلهم ووضعهم ، وهذا يقتضي أن الاسم غير المسمى.
الثانى : أن الآية تدل على أن اسم الإله كان حاصلا فى حق الأصنام ، ومسمى الإله ما كان حاصلا فى حقهم ، وهذا يوجب المغايرة بين الاسم والمسمى ، ويدل على أن الاسم غير المسمى.
ثم نقول : المراد بالآية أن تسمية الصنم بالإله كان اسما بلا مسمى ، كمن يسمى نفسه باسم السلطان ، وكان فى غاية القلة والذلة ، فإنه يقال : إنه ليس له من السلطنة إلا الاسم ، فكذا هنا. والجواب عن الحجة الثالثة : أن مرادنا من الاسم الألفاظ الدالة ، وأنتم وافقتم على أنه ما كان لله تعالى فى الأزل بهذا التفسير اسم ، ثم أى محذور يلزم فى ذلك إذا عرفنا بأن مدلولات هذه الأسماء كانت موجودة فى الأزل.
والجواب عن الحجة الرابعة : أنه إذا قال : محمد رسول الله ، فليس المراد أن اللفظ المركب من الحروف المخصوصة موصوف بالرسالة ، بل المراد منه أن الشخص المدلول عليه بلفظ محمد موصوف برسالة الله ، وحينئذ يزول الإشكال.