باب
فى معنى اسميه تعالى
٢٣ ، ٢٤ ـ المعز المذل (١)
جل جلاله
هما اسمان من أسمائه تعالى وصفات فعله ، فإعزازه للعبد يكون فى الدنيا والآخرة ، فأما فى الدنيا فيكون بالمال والحال ، فالمال لتجمل الظواهر ، والحال لتزين السرائر ، والمال يتحصل الاستغناء به من الأمثال والأشكال ، والحال يتحصل الافتقار بها إلى من لم يزل ولا يزال ، فالإعزاز بالمال فيما بين الخلق ، والإعزاز بالحال على باب الحق.
واعلم أن الله سبحانه وتعالى يعز الزاهدين بعزوب نفوسهم عن الدنيا ، ويعز العابدين بسلامة نفوسهم عن الرغائب والمنا ، ويعز أصحاب العبادات بسلامتهم عن اتباع الهوى ، ويعز المريدين بزهادتهم فى صحبة الورى وانقطاعهم إلى باب المولى ، ويعز العارفين بتأهيلهم لمقامات النجوى ، ويعز المحبين بالكشف واللقا والفناء عن كل ما هو غير وسوى ، ويعز الموحدين بشهود جلال من له البقاء والبهاء.
__________________
(١) المعز الّذي أعز أولياءه بعصمته ، ثم غفر لهم برحمته ، ثم نقلهم إلى دار كرامته ، ثم أكرمهم برؤيته ومشاهدته ، والمذل الّذي أذل أعداءه بحرمان معرفته وركوب مخالفته ، ثم نقلهم إلى دار عقوبته ، وأهانهم بطرده ولعنته.
قال بعضهم : ما أعز الله عبدا بمثل ما يدله على ذل نفسه ، وما أذل الله عبدا بمثل ما يشغله بعز نفسه.