__________________
ـ بالعلو المكانى ، ويفسر قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (٥) (طه) بالاستقرار ، بل يفسر العلو بالقهر والاقتدار ، وكذا الاستواء يفسر بذلك.
الثالث : أن تصان أسماء الله تعالى عن الابتذال والذكر ، ولا تذكر إلا على وجه التعظيم ، ويدخل فى هذا الباب أن تذكر تلك الأسماء عند الغفلة ، وعدم الوقوف على حقائقها ومعانيها ورفع الصوت بها وعدم الخضوع والخشوع والتضرع عند ذكرها.
الرابع : أن يكون المراد بقوله سبحانه : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٧٤) (الواقعة) أى مجده بالأسماء التى أنزلتها إليك وعرفتك أنها أسماؤه ، وإليه الإشارة بقوله سبحانه وتعالى : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) (الإسراء : ١١٠) وعلى هذا التأويل فالمقصود من هذا أن لا يذكر الله إلا بالأسماء التى ورد التوقيف بها.
والخامس : أن يكون المراد من التسبيح الصلاة ، قال الله تعالى : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) (١٧) (الروم) وكأنه قيل : صل باسم ربك لا كما يصلى المشركون بالمكاء والتصدية.
والسادس : قال أبو مسلم الأصفهانى : المراد من الاسم هنا الصفة وكذا فى قوله سبحانه : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) فيكون المراد الأمر بتقديس صفات الله.
أما الطريق الثانى : وهو أن يقال : قوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) معناه : سبح ربك وهو اختيار جمع من المفسرين ، قالوا : والفائدة فى ذكر الاسم أن المذكور إذا كان فى غاية العظمة والجلالة ، فإنه لا يذكر هو بل يذكر اسمه وحضرته وجنابه ، فيقال : سبح اسمه ومجد ذكره ، ويقال : سلام الله تعالى على المجلس العالى وعلى الحضرة العالية.
والكلام إذا ذكر على هذا الوجه كان ذلك أدل على تعظيم المذكور مما إذا لم يذكر كذلك وبيانه من وجوه:
أحدها : أنه إذا قيل : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) فإنه يدل على أنه سبحانه أعظم وأجل من أن يقدر أحد من الخلق على تسبيحه وتقديسه ، بل الغاية القصوى للخلق أن يشتغلوا بتسبيح أسمائه ، ومعلوم أن هذا أدل على التعظيم من أن يقال سبح ربك.
وثانيها : أنه إذا قيل : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) وقيل : سلام الله على المجلس العالى ، فمعناه أنه بلغ فى استحقاق التسبيح إلى حيث إن اسمه يستحق التسبيح ، وبلغ فى استحقاق السلام ـ