وقال بعض المفسرين فى معنى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ) أى صلّ لله ، وإنما جاز ذلك لأن الصلاة محل التسبيح ، ويطلق اسم الشيء على الشيء بمعنى المقارنة ، وقوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) أى نزه ربك من الأوصاف الذميمة ، فيكون الاسم هاهنا صلة ، أو بمعنى المسمى على طريقة من لا يفرق بين الاسم والمسمى.
وتنزيه الله تعالى يكون بالقول والبيان مرة ، وبالاعتقاد وتأمل البرهان ثانيا ، ولا يصح ذلك إلا بعد كمال المعرفة والتحقيق بعلم التوحيد ، فإن التسبيح تقديس الحقيقة عن مشابهة الخليقة ، وإفراد الحق عن أوصاف الخلق ، وإبعاد الله تعالى عن الحدوث وما يقتضيه ، والإخبار عن تقديسه عن موجبات التعطيل والتشبيه ، وإنما يصح ذلك على أصول أهل الحق الذين عرفوه بنعت الجلال ، ولم يسلبوه أوصاف التعالى والجمال ، فسلموا الملك إليه من غير دعوى الربوبية ، وطالبوا أنفسهم باستحقاق العبودية ، فتبرءوا من الحول والمنة ، ورأوا لمولاهم عليهم من خصائص المنة ، عرفوا ما وجب لله من الأوصاف الواجبة ، فلم يقصروا فيما لزمهم من الوظائف الواجبة وعلموا ما اتصف به الحق من نعوته الزاكية ، فلم يجوزوا لأنفسهم مجاوزة حدوده الراتبة ، ووقفوا على ما امتنع فى وصف الله سبحانه وتعالى فامتنعوا من ارتكاب مساخطه اللازبة (اللازمة).
ولا يصح من العبد حقيقة التسبيح الّذي هو التنزيه لله تعالى حتى يتنزه عن أوصافه الذميمة ، فينزه نفسه عن الشهوات ، فإن صاحب الشهوة محجوب عن ربه.
__________________
والجواب عن الحجة الخامسة : أنه تمسك فى إثبات ما علم بطلانه ببديهة العقل بقول واحد من الشعراء والأدباء ، وذلك مما لا يلتفت إليه ولا يعول عليه ، والله أعلم (عن بعض الكتب المؤلفة فى هذا الموضوع).