قالوا : من كان فناؤه فى الله فهو حي وإن هلك ، ومن كانت حياته لحظوظه فهو ميت وإن عاش ، وأنشدوا :
ليس من مات فاستراح بميت |
|
إنما الميت ميت الأحياء |
وقيل : قد مات قوم وهم فى الناس أحياء.
فصل : الإيمان والإسلام عند القوم :
وعند القوم أن الإسلام ذبح النفوس بسيوف المجاهدة ، والإيمان حياة القلوب بنور الموافقة ، فيكون الموت فناء النفوس والحياة استيلاء القلوب ، ولهذا قالوا : لا يصح السماع إلا لمن كانت نفسه ميتا وقلبه حيا ، فالله تعالى يحيى نفوس العابدين ويحيى قلوب العارفين ، ويحيى قلوب أهل الوصال ، ويميت أحوال أهل الفراق ، قال الله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) (١) جاء فى التفسير : كافرا فهديناه.
فصل : علامات من ماتت نفسه :
ومن أمارات من ماتت نفسه زوال آفاته عنه وسقوط شهواته منه وقيامه بحقوق ربه وما فيه رضاه وتباعده عما فيه حظوظ نفسه ومناه ، فيعيش مع الحق بالمروة ، ومع الخلق بالفتوة ، فبمروته لا يخالفه فى أوامره ، وبفتوته لا ينازع الخلق فى مآربه ومطالبه ، فيكون مع الله تعالى بنعت الصدق ، ويصحب الخلق بحسن الخلق ، وحكاياتهم فى الفتوة لا تحصى ، فمن ذلك ما يحكى عن المرتعش أنه قال : دخلت مع أبى حفص النيسابورى على مريض نعوده ، فقال أبو حفص للمريض : تحب أن تبرأ؟ فقال : نعم ، فقال للفقراء : احملوا عنه،
__________________
(١) الأنعام : ١٢٢.