فصل : من معانى اللطف :
وإذا حمل قوله : (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) على صفات الذات وأنه بمعنى العالم بخفايا أمورهم ، فالآية تشير إلى تخويف ما لأنه العليم بخفيات الالتفاتات ، ودقائق اللحظات ، قال الله تعالى : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) (١) فيوجب قبض العبد ويذكره لوصف الاطلاع ، وإن كثيرا من الناس يتوهمون أن لهم طاعات يستحقون عليها درجات وكرامات ، فإذا حصل ذلك ظهرت الآفات ، قال الله تعالى : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) (٢) وقال تعالى : (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (٣) قال المشايخ : لكم من الآفات فى الطاعات ما يمنعكم عن ارتكاب المخالفات ، وأن المفلس حقا من ظن أنه موسر ثم بان له إفلاسه عند تصفح ديوانه.
فصل : من لطفه تعالى بعباده :
وقد قيل من لطفه سبحانه وتعالى بعباده أنه أعطاهم فوق الكفاية وكلفهم دون الطاقة ، قال الله سبحانه وتعالى : (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) (٤) والإسباغ ما يفضل عن قدر الحاجة ، وقال فى صفة التكليف : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٥) ، وقال عز ذكره : (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) (٦) وقال صلىاللهعليهوسلم : «بعثت بالحنيفية السمحة السهلة» وقال صلىاللهعليهوسلم : «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا» وأنه تعالى لما أوجب على
__________________
(١) غافر : ١٩.
(٢) الزمر : ٤٧.
(٣) الكهف : ١٠٤.
(٤) لقمان : ٢٠.
(٥) الحج : ٧٨.
(٦) الأعراف : ١٥٧.