باب
فى معنى اسميه تعالى
٢٥ ، ٢٦ ـ السميع (١) البصير (٢)
جل جلاله
هما اسمان من أسمائه تعالى ، ورد بهما النص وانعقد عليهما الإجماع.
وسمعه وبصره صفتان له زائدتان على علمه ، بخلاف من خالف فيه من القدرية ، وهما إدراكان له ، فلا يخرج مسموع عن سمعه ، ولا موجود عن بصره ، وحد ما يحدون أن يسمع ويرى على الحقيقة ، فهو الموجود ، وليس من شرط سمعه وبصره حلول فى عضو واختصاص منه بجزء ، لأنه سبحانه أحدىّ
__________________
(١) السميع : هو الّذي لا يعزب عن إدراكه مسموع وإن خفى ، ويدرك دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء ، يسمع حمد الحامدين فيجازيهم ، ودعاء الداعين فيستجيب لهم ، ويسمع بغير أصمخة وأذن كما يفعل بغير جارحة ، ويتكلم بغير لسان ، وسمعه منزه عن أن يتطرق إليه الحدثان ، ومهما نزهت السمع عن تغيير يعتريه عند حدوث المسموعات ، وقدسته عن أن يسمع بأذن أو آلة أو أداة علمت أن السمع فى حقه عبارة عن صفة ينكشف بها كمال صفات المسموعات ومن لم يحقق نظرا فيه وقع بالضرورة فى محض التشبيه فخذ منه حذرك ودقق فيه نظرك.
(٢) البصير : هو الّذي يشاهد ويرى حتى لا يعزب عنه ما تحت الثرى ، وإبصاره أيضا منزه عن أن يكون بحدقة وأجفان ، ومقدس عن أن يرجع إلى انطباع الصور والألوان فى ذاته كما ينطبع فى حدقة الإنسان ، فإن ذلك من التأثر والتغير المقتضى للحدثان ، وإذا نزه عن ذلك كان البصر فى حقه عبارة عن الصفة التى ينكشف بها كمال تفرق المبصرات ، وذلك أوضح وأجلى مما يفهم من إدراكه البصر القاصر عن ظواهر المرئيات.