باب
فى معنى اسمه تعالى
٣١ ـ الحليم (١)
جل جلاله
الحليم اسم من أسمائه ورد به القرآن ، واختلف الناس فى معناه فقال بعضهم الحلم تأخير العقوبة عن المستحقين ، فهو حليم على معنى أنه يؤخر العقوبة عن المستحقين ، ويكون هذا من صفات أفعاله يوصف به فيما لا يزال ، وقال بعض أهل الحق : حلمه إرادته لتأخير العقوبة فهو من صفات ذاته ، لم يزل حليما ولا يزال ، ويقال فى اللغة : حلم ، بضم اللام ، يحلم حلما فهو حليم ، وحلم ، بفتح اللام ، يحلم حلما فهو حالم إذا رأى فى المنام شيئا ، وجمع الحلم أحلام ، وكذلك جمع الحلم ، وحلم الأديم ، بكسر اللام ، يحلم حلما فهو حليم إذا وقع فيه دود ، وحلّمت فلانا إذا جعلته حليما وحكمت بحلمه ، وحلم الغلام إذا صار سمينا ، فصرف هذا اللفظ فى اللغة على أوجه.
والله تعالى يريد تأخير العقوبة عن بعض المستحقين ، ثم قد يعذبهم وقد يتجاوز عنهم ، وأنه تعالى يجعل العقوبة لبعضهم ، والأمر فيه على ما سبق عليه
__________________
(١) الحليم : هو الّذي يشاهد معصية العصاة ويرى مخالفة الأمر ثم لا يستفزه غضب ولا يعتريه غيظ ، ولا يحمله على المسارعة إلى الانتقام ، مع غاية الاقتدار ، عجلة وطيشا ، كما قال تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) (فاطر : ٤٥).
والحلم من محاسن خصال العباد ، وذلك مستغن عن الشرح والإطناب.