نتيجة لكل ما سبق ذكره تيقظت ضمائر بعض أبناء الأمّة الاسلاميّة من سباتها العميق ، واشمأزّت نفوسهم من أوضاع الخلافة ، وانتشر حبّ آل بيت النبيّ (ص) في الأوساط الإسلاميّة غير المنتفعة بالحكم ، وزمن الصراع بين الامويين والعباسيين حول الخلافة ، فسح المجال للواعين منهم لأن يلتفّوا حول الإمامين الباقر والصادق (ع) ومن ثمّ تمكّن الامامان من نشر الأحكام الإسلامية التي جاء بها رسول الله (ص) وبيان زيف الاحكام المحرّفة ، ودحض الشبهات المثارة حول بعض الآيات القرآنية. فعلا ذلك تارة بالرواية عن كتاب عليّ «الجامعة» ، وأخرى بالحديث عن رسول الله (ص) ، أو ببيان حكم الله دون ما ذكر سند له ، وفي هذا الصدد أتيحت الفرصة للإمام الصادق أكثر من غيره من سائر أئمة أهل البيت ، فاجتمع حوله في بعض الاحيان آلاف من روّاد العلوم الإسلامية ورواة أحاديثه ، وقد جمع أصحاب الحديث أسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف (١) ، مثل الحافظ أبي العبّاس ابن عقدة (ت : ٣٣٣ ه) الّذي
__________________
(١) راجع الارشاد ، للشيخ المفيد (ت : ٤١٣ ه) ص ٢٥٤ منه ، وإعلام الورى ص ٢٧٦ تأليف الفضل الطبرسي من أعلام القرن السادس.