انقسام الأمة إلى قسمين
تلكم التظاهرة الضخمة في الأقوال أدّت إلى انقسام الأمة إلى قسمين ، وذلك أنّ الناس مدى الدهر ينقسمون إلى قسمين :
١ ـ همج رعاع ، أتباع كلّ ناعق ، يميلون مع كلّ ريح. كما وصفهم الإمام علي(ع)(١)
٢ ـ وقسم آخر يتحرّكون ، واعين لتحرّكهم. هادفين. وينظر في تقويم أفعال الناس في المجتمع وتعليلها إلى الواعين الهادفين. والواعون الهادفون في المجتمع يوم ذاك انقسموا على أثر تلك التظاهرة إلى قسمين :
أ ـ محبّ لأهل البيت ، موال لهم ، مقرّ بفضلهم.
ب ـ مستنكر للاستهانة بمقام الشيخين ، مستهزئ بأقوال الإمام ، يزداد حقدهم له يوما بعد يوم ، وكان جلّ هؤلاء الحاقدين على الإمام ممّن ثار قبل ذلك على عثمان حتّى قتلوه. وهؤلاء هم الخوارج الذين رفعوا شعار : «لا حكم إلّا لله» وأشرب في قلوبهم حبّ الشيخين ، والسخط على عائشة ، وطلحة والزبير ، وعثمان ، وعليّ. وخرج هؤلاء على الإمام فقاتلهم في النهروان ولم يقض عليهم ، فأردوه قتيلا في محرابه ، واستولى على الحكم معاوية بعده ، فبذل جهده في عشرين سنة ـ مدّة حكمه ـ في توجيه الأمة توجيها تساير فيه هواه ، وتسير طائعة راغبة إلى ما يشتهيه.
وكان معاوية ـ بالإضافة إلى ذلك ـ يغيظه انتشار ذكر بني هاشم أعداء أسرته التقليديين عامّة ، وخاصّة ذكر الرسول وابن عمّه الإمام عليّ ، وذلك
__________________
(١) ترجمة الإمام علي بتاريخ دمشق لابن عساكر ، ط. الاولى سنة ١٩٣٥ ه بمطبعة العاملية ٢ / ٢٨٥ الأحاديث ٥٠١ ـ ٥٢٨ خاصة رقم ٥٢١ ـ ٥٢٢.