الرحيم ، أمّا بعد ، فإنّي حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي فسألته عمّا اقامه وما ذا يطلب ويسأل ، فقال : كتب إليّ أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم فسألوني القدوم ففعلت ، فأمّا إذ كرهوني فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم.
فلمّا قرئ الكتاب على ابن زياد قال :
الآن إذ علقت مخالبنا به |
|
يرجو النجاة ولات حين مناص |
وكتب إلى عمر بن سعد : بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد ، فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت ، فاعرض على الحسين أن يبايع ليزيد بن معاوية هو وجميع أصحابه فإذا فعل ذلك رأينا رأينا والسلام.
قال فلما أتى عمر بن سعد الكتاب ، قال : قد حسبت أن لا يقبل ابن زياد العافية.
ابن زياد يأمر بالنفير العام :
وروى البلاذري في أنساب الأشراف وقال : لما سرح ابن زياد عمر بن سعد ، أمر الناس فعسكروا بالنخيلة ، وأمر أن لا يتخلّف أحد منهم ، وصعد المنبر فقرّض معاوية وذكر إحسانه وادراره الأعطيات وعنايته بأهل الثغور ، وذكر اجتماع الألفة به وعلى يده ، وقال : إن يزيد ابنه ، المتقيّل له (١) ، السالك لمناهجه ، المحتذي لمثاله ، وقد زادكم مائة مائة في أعطيتكم ، فلا يبقين رجل من العرفاء والمناكب والتجار والسكان إلّا خرج فعسكر معي ، فأيّما رجل وجدناه بعد يومنا هذا متخلفا عن العسكر برئت منه الذّمة.
ثم خرج ابن زياد فعسكر ، وبعث إلى الحصين بن تميم وكان بالقادسية في أربعة آلاف ، فقدم النخيلة في جميع من معه.
__________________
(١) أي المشبه له المتخلق بأخلاقه وسجيته.