أين تريد؟ فحدّثه الحسين فقال له : انّي أنشدك الله لما انصرفت ، فو الله لا تقدم إلّا على الأسنّة وحدّ السيوف ، فان هؤلاء الّذين بعثوا إليك لو كانوا كفوك مئونة القتال ووطّئوا لك الأشياء فقدمت عليهم كان ذلك رأيا ، فاما على هذه الحال التي تذكرها فاني لا أرى لك ان تفعل. فقال له : يا عبد الله ، انّه ليس يخفى عليّ ، الرأي ما رأيت ، ولكن الله لا يغلب على أمره (١).
وفي الأخبار الطوال : واخبره بتوطيد ابن زياد الخيل ما بين القادسية إلى العذيب رصدا له ـ وفي لفظه ـ فلا تتكلن على الّذين كتبوا لك ؛ فانّ أولئك أوّل الناس مبادرة إلى حربك .. الحديث (٢).
وفي رواية ثمّ قال : والله لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا سلّط الله عليهم من يذلّهم حتى يكونوا أذلّ فرق الامم (٣).
نذير آخر :
وفي تاريخ ابن عساكر وابن كثير قال الراوي : رأيت أخبية مضروبة بفلاة من الأرض ، فقلت : لمن هذه؟ قالوا : هذه لحسين. قال : فأتيته فإذا شيخ يقرأ القرآن والدموع تسيل على خدّيه ولحيته ، قلت : بأبي وأمي يا ابن رسول الله! ما أنزلك هذه البلاد والفلاة التي ليس بها أحد! فقال : هذه كتب أهل الكوفة إليّ ، ولا أراهم إلّا قاتلي ، فإذا فعلوا ذلك لم يدعوا لله حرمة إلّا انتهكوها ، فيسلط الله عليهم من يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ من فرم
__________________
(١) الطبري ٦ / ٢٢٦ ، وابن الأثير ٣ / ١٧ ـ ١٨ ، وابن كثير ٨ / ١٦٨ ـ ١٧١.
(٢) الأخبار الطوال ص ٢٤٨.
(٣) ارشاد المفيد ص ٢٠٦ ، وقد روى كلام الحسين هذا أيضا غيره ولم يذكروا أين خطب ، مثل الطبري في ٦ / ٢٢٣ ، وابن الأثير ٣ / ١٦ ، وابن كثير ٨ / ١٦٩ وفي لفظهما «حتى يكونوا أذل من فرام الامة» أو فرمة الامة. قال ابن الاثير بعده «والفرام خرقة تجعلها المرأة في قبلها إذا حاضت» وطبقات ابن سعد ح ٢٦٨.