أبعثك إلى حسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله ، ولا لتمنّيه السلامة والبقاء ، ولا لتقعد له عندي شافعا ، انظر ، فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا ، فابعث بهم إليّ سلما ، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم ، وتمثّل بهم ، فإنهم لذلك مستحقون ، فإن قتل حسين فأوطئ الخيل صدره وظهره ، فإنه عاقّ مشاقّ قاطع ظلوم ، وليس دهري في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ولكن عليّ قول لو قد قتلته فعلت هذا به! ان أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع ، وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا وخلّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ، فإنّا قد أمرناه بأمرنا والسلام.
أمان ابن زياد للعباس واخوته :
قال : لمّا قبض شمر بن ذي الجوشن الكتاب ، قام هو وعبد الله بن أبي المحلّ ، وكانت عمّته أمّ البنين ابنة حزام عند عليّ بن أبي طالب (ع) فولدت له العبّاس وعبد الله وجعفرا وعثمان ، فقال عبد الله بن أبي المحلّ بن حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب : أصلح الله الأمير ان بني اختنا مع الحسين ، فان رأيت أن تكتب لهم أمانا ، فعلت ، قال : نعم ، ونعمة عين ، فأمر كاتبه فكتب لهم أمانا فبعث به عبد الله بن أبي المحلّ مع مولى له يقال له : كزمان ، فلمّا قدم عليهم دعاهم فقال : هذا أمان بعث به خالكم ، فقال له الفتية : أقرئ خالنا السلام ، وقل له : ان لا حاجة لنا في أمانكم ، أمان الله خير من امان ابن سميّة. قال : فأقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد ، فلمّا قدم به عليه ، فقرأه ، قال له عمر : ما لك! ويلك لا قرّب الله دارك ، وقبح الله ما قدمت به عليّ ، والله انّي لأظنّك أنت ثنيته أن يقبل ما كتبت به إليه ، أفسدت علينا أمرا كنّا رجونا أن يصلح ، لا يستسلم والله حسين ، إن نفسا أبيّة لبين جنبيه ، فقال له شمر : أخبرني ما أنت صانع؟ أتمضي لأمر أميرك وتقتل عدوّه؟ وإلّا فخلّ بيني وبين الجند والعسكر. قال : لا! ولا كرامة لك ، وأنا أتولّى ذلك ، قال فدونك وكن أنت على الرجال.
قال : وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين فقال أين بنو اختنا؟