قالوا : واستمرّ الحصار إلى مستهلّ ربيع الآخر حين جاءهم نعي يزيد وأنّه قد مات لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول (١).
وفي تاريخ الطبري وغيره : بينا حصين بن نمير يقاتل ابن الزبير إذ جاء موت يزيد ، فصاح بهم ابن الزبير وقال : انّ طاغيتكم قد هلك ؛ فمن شاء منكم أن يدخل في ما دخل فيه الناس فليفعل ، فمن كره فليلحق بشامه ، فغدوا عليه يقاتلونه. فقال ابن الزبير للحصين بن نمير : أدن منّي أحدّثك. فدنا منه فحدّثه فجعل فرس أحدهما يجفل ، (الجفل : الروث) فجاء حمام الحرم يلتقط من الجفل فكفّ الحصين فرسه عنهنّ ، فقال له ابن الزبير : مالك؟ قال : أخاف أن يقتل فرسي حمام الحرم ، فقال له ابن الزبير ، أتحرّج من هذا وتريد أن تقتل المسلمين؟! فقال : لا أقاتلك ؛ فاذن لنا نطف بالبيت وننصرف عنك. ففعل ، قالوا : فأقبل الحصين بمن معه نحو المدينة.
قالوا : واجترأ أهل المدينة وأهل الحجاز على أهل الشام ، فذلّوا حتى كان لا ينفرد منهم رجل إلّا أخذ بلجام دابّته ثم نكس عنها! فكانوا يجتمعون في معسكرهم فلا يفترقون ، وقالت لهم بنو أميّة : لا تبرحوا حتى تحملونا معكم إلى الشام ففعلوا ، فمضى ذلك الجيش حتى دخل الشام (٢).
الحجاج يرمي الكعبة ثانية :
قال ابن الاثير وغيره : أرسل عبد الملك بن مروان الحجّاج لحرب ابن الزبير بمكة فنزل الطائف ، وأمدّه بطارق فقدم المدينة في ذي القعدة سنة ٧٢ ه وأخرج عامل ابن الزبير عنها وجعل عليها رجلا من أهل الشام اسمه
__________________
(١) تاريخ الطبري ٧ / ١٤ ـ ١٥ ، وابن الاثير ٤ / ٤٩ ، وابن كثير ٨ / ٢٢٥.
(٢) تاريخ الطبري ٧ / ١٦ ـ ١٧ في ذكر حوادث سنة ٦٥ ه. ذكر الطبري وغيره محادثات أخرى بين ابن الزبير والحصين لم تكن ثمة حاجة لذكرها وانما ذكرنا رجوع الجيش إلى الشام بايجاز.