شدّ الرحال إلى أيّ مسجد من المساجد سوى المساجد الثلاثة ، ولا يعني عدم جواز شدّ الرحال إلى أيّ مكان من الأمكنة إذا لم يكن المقصود مسجداً ، فالحديث يكون غير متعرض لشدّ الرحال لزيارة الأنبياء والأئمّة الطاهرين والصالحين ، لأنّ موضوع الحديث إثباتاً ونفياً هو المساجد ، وأمّا غير ذلك فليس داخلاً فيه ، فالاستدلال به على تحريم شدّ الرحال إلى غير المساجد باطل.
وأمّا الصورة الثانية : فلا يمكن الأخذ بها ، إذ يلزم منها كون جميع السفرات محرّمة ، سواء كان السفر لأجل زيارة المسجد أو غيره من الأمكنة ، وهذا ممّا لا يلتزم به أحد من الفقهاء.
ثمّ إنّ النهي عن شدّ الرحال إلى أيّ مسجد غير المساجد الثلاثة ليس نهياً تحريمياً ، وإنّما هو إرشاد إلى عدم الجدوى في سفر كهذا ، وذلك لأنّ المساجد الأُخرى لا تختلف من حيث الفضيلة ، فالمساجد الجامعة كلّها متساوية في الفضيلة ، فمن العبث ترك الصلاة في جامع هذا البلد والسفر إلى جامع بلد آخر مع أنّهما متماثلان.
وفي هذا الصدد يقول الغزالي : القسم الثاني وهو أن يسافر لأجل العبادة إمّا لحجّ أو جهاد ... ويدخل في جملته زيارة قبور الأنبياء عليهمالسلام ، وزيارة قبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء. وكلّ من يُتبرك بمشاهدته في حياته يُتبرك بزيارته بعد وفاته ، ويجوز شدّ الرحال لهذا الغرض ، ولا يمنع من هذا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، والمسجد الحرام ، والمسجد الأقصى» لأنّ ذلك في المساجد ؛ فإنّها متماثلة (في الفضيلة) بعد هذه المساجد ، وإلّا فلا فرق بين زيارة قبور الأنبياء والأولياء والعلماء في أصل الفضل ، وإن كان