العلماء الذين تصدّوا له
ولكن قبل التعرّض لذكر أسماء العلماء الذين أصدروا البيان المذكور نحاول أن ننقل مقطعاً من شهادة شهد بها مؤرّخ محايد ، شاهدها بأُمّ عينه ونقلها ممّا شاهده ، يقول الرّحالة ابن بطوطة :
وكان بدمشق من كبار فقهاء الحنابلة تقي الدين ابن تيمية كبير الشام يتكلّم في الفنون إلّا أنّ في عقله شيئاً ، وكان أهل دمشق يعظّمونه أشدّ التعظيم ويعظهم على المنبر. وتكلّم مرّة بأمر أنكره الفقهاء ، ورفعوه إلى الملك الناصر ، فأمر بإشخاصه إلى القاهرة ... فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على المنبر الجامع ويذكّرهم ، فكان من جملة كلامه أن قال : «إنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا» ، ونزل درجة من درج المنبر ، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء ، وأنكر ما تكلّم به ، فقامت العامّة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته. (١)
لا شكّ أنّ ابن تيمية لم يكن بالشر المطلق ، بل كانت للرجل نقاط قوّة كما كانت له نقاط ضعف وخلل في التفكير ، إلّا أنّ أتباعه ومريديه ركّزوا على نقاط القوّة في شخصيته ، وأغمضوا عيونهم عن نقاط الضعف والخلل في شخصيته ، ولكنّ الباحثين عن الحقيقة الذين يحدوهم طلب الحقّ نظروا إلى الرجل من الزاويتين ، وأخذوا في نقد أفكاره ونظرياته بنفس علمي بعيداً عن التعصّب والميول الشخصية ، ومن العلماء الذين تعرّضوا لدراسة أفكار الرجل ونقدها العلماء التالية أسماؤهم أدناه ، والذين يُعدّ كلّ واحد منهم من أساطين العلم
__________________
(١) رحلة ابن بطوطة : ١١٢ ـ ١١٣.