نحو الميل إلى الأهل والأحبة في حال حياتهم هي نفسها تدفعه وترغبه للحضور على قبورهم والالتقاء بهم لقاءً روحيّاً ومعنوياً ، وتتّضح تلك الظاهرة بصورة أجلى إذا انطلقنا من الرؤية الإسلامية التي تقطع بأنّ الروح لا تفنى بفناء الجسد ولا تنعدم بانعدامه ، من هنا يتّضح أمامنا أُفق جديد يحدونا إلى زيارة قبور الأحبّة وتلاوة القرآن الكريم وإهداء الثواب إلى أرواحهم.
لهذا ليس من اللائق نهي الناس وردعهم عن هذا الأمر الفطري وحثّهم على التمرّد عليه ، بل الجدير بنا حثّهم ودفعهم إلى السعي لإقامة هذه المراسم وإظهار الودّ والمحبّة لفقيدهم. نعم لا بدّ أن نكون حذرين أن لا ينجر الأمر إلى أن تختلط تلك الأعمال والمراسم بنوع من الأفعال غير المحمودة والقبيحة والمذمومة شرعاً.
زيارة قبور العلماء
كان الكلام في النقطة السابقة حول زيارة قبور الأحبّة الذين تربطهم بالإنسان آصرة الدم والقرابة ، وتشدّهم إليه عاطفة روحية خاصة ، فيتحرك من هذا المنطلق لزيارة قبورهم وقراءة القرآن وإهداء ثواب بعض الأعمال الصالحة إلى أرواحهم والسعي إلى عدم اندراس قبورهم ونسيان ذكرهم.
وهناك طائفة أُخرى من الناس تربطهم بالإنسان رابطة روحية ومعنوية لا تقلّ فاعلية عن الرابطة الأُسرية إن لم تزد عليها ، وهؤلاء هم العلماء والمفكّرون الذين أحرقوا كيانهم وأذابوا وجودهم لينيروا للإنسان ظلمات الطريق الحالكة ، فهم كالشمعة التي تذوب ليستنير طريق الآخرين ، نعم لقد ضحّى العلماء والمفكّرون بكلّ حياتهم ـ رغم العسر والحاجة وقلّة ذات اليد ـ ليتركوا للأجيال