الفيلسوف الكبير ابن سينا ، وأبي ريحان البيروني ، والفردوسي ، والصاحب بن عباد ، والخواجة نظام الملك الطوسي ؛ حيث استطاع هؤلاء الفطاحل من العلماء والأُدباء والسياسيين أن يعرضوا صورة ناصعة للفكر والثقافة والحضارة الإسلامية الأمر الذي حدا بالمستشرقين أن يطلقوا ـ وبحق ـ على هذه الفترة من تاريخ العالم الإسلامي اسم عصر النهضة الإسلامية.
ولكن ـ ولشديد الأسف ـ ابتليت الأُمّة الإسلامية بعد هذا العصر الذهبي بمرض التفرقة ، ودبّ في جسدها مرض الاختلافات والتناحر والتشرذم وتعدّد الأهواء والميول السياسية والفكرية ، ممّا كان له الأثر الفاعل في تفريغ الأُمّة من الرجال العظام والشخصيات الكبيرة الأمر الذي أدّى بدوره إلى أُفول شمس القوّة الإسلامية وضعف شوكتها ، وطمع الأعداء بها.
الحروب الصليبية
لقد كان الغرب الصليبي ـ الذي ما زال يتجرّع مرارة الهزيمة أمام الجيش الإسلامي في الأندلس وانتشار الإسلام في القارة الأُوروبية ـ يرصد الوضع في العالم الإسلامي ويراقب الأُمور عن كثب ، ويتحيّن الفرصة المناسبة للانتقام من الإسلام والمسلمين ، ولمّا أحسّوا بضعف المسلمين وتشتّت كلمتهم في أواخر القرن الخامس الهجري أصدر البابا في روما الأوامر بالهجوم على قبلة المسلمين الأُولى فلسطين فلبّى هذا النداء مئات الآلاف من المسيحيّين الأُوروبيين ـ بصدور ملؤها البغض والكراهة والأحقاد الدفينة للتوحيد والموحّدين ـ فارتكبوا أبشع الجرائم وانتهكوا الحرمات ، وحوّلوا القدس إلى حمام دماء وساحة تناثرت فيها الأشلاء ، وكانت هذه هي البداية للحروب الصليبية التي استمرت ما يقرب من ٢٠٠ عام