يتسنّى للجميع البحث فيها والخوض في غمارها والتفكير بها.
ومن الواضح انّ قضيّة الحياة بعد الموت من مسائل الصنف الثاني ، حالها حال مسألة المصير والقدر ، فإنّها بالرغم من كونها من المسائل الفلسفية التخصّصية ، إلّا أنّه مع ذلك نرى أنّ الجميع يلج باب التفكير فيها وإن كان تفكيرهم وتأمّلهم في هذه الأُمور لم يوصلهم إلى نتيجة ملموسة ونظرية واضحة المعالم ، وإنّما الذي يقوم بذلك الخاصة من المفكّرين من ذوي الاختصاص في البحوث العقلية والروحية ، فإنّ هؤلاء هم الذي يستطيعون وببركة فكرهم الثاقب إزاحة الغبار عن الواقع ، وكشف الحقيقة ، ومعرفة أبعادها.
ثمّ إنّ معرفة مصير الإنسان بعد الموت رهن البحث والتحقيق في ثلاثة أُصول أساسية تتعلّق بالإنسان ، هي :
١. ما هي حقيقة الإنسان وواقعه؟ فهل هو عبارة عن هيكل مادي يتكوّن من عروق وأعصاب وعظام وغيرها من الأعضاء والمكوّنات المادية ، أم أنّ هناك وراء هذا المظهر المادي جوهراً آخر هو الذي يشكّل حقيقة الإنسان ويشيّد واقعه ، وبه يكون الإنسان إنساناً؟
٢. ما هي حقيقة الموت؟ فهل الموت يعني انعدام الإنسان وفناءَه؟ أم انّ الموت في الحقيقة يمثّل نافذة تطل بالإنسان على عالم أرحب وفضاء أوسع؟
٣. ثمّ على فرض بقاء الإنسان بعد الموت ، يأتي البحث عن النقطة الثالثة وهي : هل توجد علاقة بين الحياتين (الدنيا والآخرة)؟ وما هي نوعية العلاقة بينهما ، وما هي الكيفية التي تستمر على أساسها تلك العلاقة؟
وها نحن نشرع في البحث عن الأُصول الثلاثة تباعاً إن شاء الله تعالى.