الزمن ، ولقد بكاه طوال تلك المدّة حتّى فقد بصره إلى الدرجة التي وصفه فيها الذكر الحكيم بقوله : (وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ). (١)
فشاءت الإرادة الإلهية أن يعود إلى يعقوب بصره عن طريق قميص ولده يوسف عليهالسلام حيث قال تعالى على لسان يوسف عليهالسلام : (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً). (٢)
ولا ريب أنّ قميص يوسف عليهالسلام لا يختلف من الناحية المادية أو من ناحية الشكل عن غيره ، ولكن تعلّقت الإرادة الإلهية بأن يصدر الفيض الإلهي إلى عبده يعقوب من خلال هذا الطريق ، وقد صرّح القرآن الكريم بهذه الحقيقة حيث قال سبحانه :
(فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً). (٣)
٣. تابوت بني إسرائيل والسكينة
لقد وضع موسى عليهالسلام وفي الأيام الأخيرة من عمره الشريف ، الألواح المقدّسة التي تحتوي على شريعته عليهالسلام ، ودرعه وسلاحه وآثاره الأُخرى في صندوق ، وجعل الصندوق عند وصيّه «يوشع بن نون» ، ومن هنا اكتسب هذا الصندوق أهمية كبرى لدى بني إسرائيل ، فكانوا يحملونه معهم أثناء الحروب التي تقع بينهم وبين خصومهم متبرّكين به ، ومستنزلين النصر من الله عن طريقه ، وكانوا يعيشون حياة عزيزة ما دام ذلك الصندوق المبارك بين ظهرانيهم ، ولكن لمّا دبّ فيهم الضعف الديني ، وقلّ تأثير الوازع الأخلاقي في أوساطهم ، تمكّن خصومهم من
__________________
(١) يوسف : ٨٤.
(٢) يوسف : ٩٣.
(٣) يوسف : ٩٦.