المسجد ، ولئن أُصلّي في بيتي أحبّ إليّ من أن أُصلّي في المسجد إلّا أن تكون صلاة مكتوبة». (١)
فهذه القرائن المؤكّدة ترفع الستار عن وجه المعنى ؛ فإنّ المراد من الآية هو بيوت الأنبياء وبيوت النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وبيت علي عليهالسلام وما ضاهاها ، فهذه البيوت لها شأنها الخاص ؛ لأنّها تخصُّ رجالاً يُسبّحونه ليلاً ونهاراً ، غُدُوّاً وآصالاً ، يَعيش فيها رجال لا تُلهيهم تجارةٌ ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وقلوبهم مليئة بالخوف من يوم تتقلّب فيه القلوب والأبصار.
ما هو المراد من الرفع الوارد في الآية؟
قد تعرفنا على المقصود من مفهوم «البيوت» المذكور في الآية الشريفة ، وحان الوقت لتسليط الضوء على المفهوم الثاني الوارد فيها أيضاً ، لنرى ما هو المراد منه؟
لقد ذكر المفسّرون للرفع المعنيين التاليين :
الأوّل : انّ المراد من «الرفع» هو «البناء» بشهادة قوله تعالى : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها). (٢)
الثاني : المراد هو تعظيمها والرفع من قدرها.
قال الزمخشري : ترفعها : إمّا بناؤها ، لقوله تعالى : (رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها) ، و (إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) (٣) ، أمر الله أن تبنى ؛ وإمّا
__________________
(١) مسند أحمد : ٤ / ٣٤٢.
(٢) النازعات : ٢٧ ـ ٢٨.
(٣) البقرة : ١٢٧.