العدو المشترك المتمثّل يومها بالصليبيين واليهود والوثنيين. ولكن ـ ولشديد الأسف ـ ما قام به ابن تيمية كان على العكس من ذلك تماماً.
أحمد بن تيمية
ولد أحمد بن تيمية عام ٦٦١ ه ـ بعد خمسة أعوام من سقوط الخلافة الإسلامية في بغداد ، في مدينة «حرّان» من بلاد الشام ، وواصل دراسته الأوّلية فيها حتّى بلغ السابعة عشر من عمره ، وفي تلك البرهة كان العالم الإسلامي عامة وبلاد الشام خاصة عرضة لغزو جيوش المغول. وقد أحدثت تلك الهجمات المغولية على أطراف الشام حالة من الرعب الشديد والهلع في قلوب الناس ، الأمر الذي حدا بوالده عبد الحليم أن يشد الرحال مع أفراد اسرته وأقاربه تاركاً حرّان ومتوجهاً إلى دمشق حيث ألقى رحله هناك.
وحتى العام ٦٩٨ ه ـ كان ابن تيمية شخصية مغمورة لم يسمع عنها شيء ما ، ولكن مع إطلالة القرن الثامن بدأ الرجل بنشر أفكاره الشاذّة وعرضها بين الناس وخاصة حينما طلب منه أهل «حماة» أن يفسر لهم قوله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (١) حيث زلّت به قدمه في تفسيره لهذه الآية ، فأجاب بما هو نص في التجسيم ، وأثبت أنّ لله مكاناً في السماء ، وأنّه متكئ على العرش. (٢)
إنّ أكثر المسلمين وخاصة الشيعة منهم ينزّهون الله سبحانه عن الجسم
__________________
(١) طه : ٥.
(٢) انظر الرسالة الحموية : ٤٢٩ ، ضمن مجموعة «الرسائل الكبرى». والغريب أنّ ابن تيمية قد استدلّ على مدّعاه ـ واعتبر ذلك ملاك الحقيقة ـ بالتصوّر الساذج والفهم الخاطئ لفرعون ، والذي كان يتصوّر إنّ إله موسى مستقر في السماء ، فاستدلّ ابن تيمية بقوله : (يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ* أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى). (غافر : ٣٦ ـ ٣٧).