هزيمتهم والتغلّب عليهم ، وتمكّنوا كذلك من نهب ذلك الصندوق المبارك.
ولمّا اختار الله سبحانه ـ بعد فترة من الزمن ـ طالوت ملكاً وقائداً لبني إسرائيل ، قال لهم نبيّهم : إنّ آية صدقه وكونه قائداً منصباً من قبله سبحانه هو أن يأتيكم ذلك الصندوق ، ولقد أشار الذكر الحكيم إلى ذلك بقوله سبحانه :
(وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). (١)
والإمعان في الآية المباركة يكشف أنّ القرآن الكريم ينقل لنا على لسان نبيه ، تبرّك بني إسرائيل بذلك الصندوق ويؤكّد كذلك مدى قيمته وشرفه بحيث تحمله الملائكة ، وحينئذ نتساءل لو كان هذا العمل مخالفاً لأُصول التوحيد ومتعارضاً معها ، فكيف يا ترى جاز لذلك النبي أن يلقي إليهم الخبر على نحو البشرى؟!!
٤. التبرّك بمقام أصحاب الكهف
حين اكتشف المؤمنون والموحّدون المكان الذي اختفى فيه الفتية «أصحاب الكهف» فأخذوا يتداولون الأمر بينهم ما ذا نعمل؟ فكان إطباق الجميع واتّفاقهم على أن يبنوا على قبورهم مسجداً ليكون محلاً للعبادة وللتبرّك بالعبادة إلى جنب تلك الأجساد الطاهرة ، ولقد نقل لنا القرآن الكريم هذه الحقيقة بقوله سبحانه :
(قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً). (٢)
__________________
(١) البقرة : ٢٤٨.
(٢) الكهف : ٢١.