الفجر ، فصلى أربع ركعات ، وكان يقول في ركوعه وسجوده : اشربي واسقيني. ثم قاء في المحراب ، ثم سلّم ، وقال : هل أزيدكم إلى آخر ما ذكروه (١).
وهذا البخاري يروي مشاجرة سعد بن معاد ، سيد الأوس وسعد بن عبادة سيد الخزرج ، في قضية الإفك ، فقد قال سعد بن عبادة لابن عمه : كذبت لعمرو الله. وأجابه ابن العم بقوله : كذبت لعمرو الله ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين (٢).
أوّلا تعجب أنّ هؤلاء يصف بعضهم بعضا بالكذب والنفاق ، ونحن نقول إنهم عدول صلحاء. والإنسان على نفسه بصيرة.
إنّ الحروب الدائرة بين الصحابة أنفسهم لأقوى دليل على أنهم ليسوا جميعا على الحق ، فقد ثاروا على عثمان بن عفان وأجهزوا عليه. فكيف يمكن أن يكون القاتل والمقتول كلاهما على الحق والعدالة.
وهذا هو طلحة وذاك الزبير ، جهّزا جيشا جرارا لمحاربة الإمام ، وأعانتهما عائشة ، التي أمرت مع سائر نساء النبي بالقرار في بيوتهن وعدم الظهور والبروز.
وهذا خال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ، الباغي على الإمام المفترض الطاعة بالنص أوّلا ، وبيعة المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ثانيا ، فاهدر دماء كثيرة لا يحصيها إلّا الله سبحانه.
ومن العذر التافه تبرير أعمالهم الإجرامية بأنهم كانوا مجتهدين في أعمالهم وأفعالهم ، مع أنه لا قيمة للاجتهاد أمام النص وإجماع الأمة ، ولو كان لهذا الاجتهاد قيمة ، لما وجدت على أديم الأرض مجرما غير معذور ، ولا جانيا غير مجتهد ؛ (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) (٣).
هذا قدامه بن مظعون ، صحابي بدري شرب الخمر ، وأقام عليه عمر
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ، ج ٢ ، ص ٤٢ ، وأسد الغابة ، ج ٥ ، ص ١٩٠.
(٢) صحيح البخاري ، ج ٥ ، ص ١١٨ في تفسير سورة النور.
(٣) سورة الكهف : الآية ٥.