الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ* ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١).
ويقول سبحانه : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ ، أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) (٢).
والمتبادر من الآية هو إحياؤهم بعد الموت ، والخطاب لليهود والمعاصرين للنبي باعتبار أسلافهم ، ولا يفهم أي عربي صميم من جملة : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) : سوى الإحياء بعد الإماتة.
وقد اتخذ صاحب المنار في تفسير الآية موقفه المعلوم من المعاجز ، فذهب إلى أنّ المراد من البعث هو كثرة النّسل. أي إنّه بعد ما وقع فيهم الموت بالصاعقة ، وظنّ أن سينقرضون ، بارك الله في نسلهم ، ليعد الشعب بالبلاء السابق للقيام بحق الشكر على النعم التي تمتع بها الآباء الذين حل بهم العذاب بكفرهم لها (٣).
يلاحظ عليه : أوّلا : إنّ الظاهر من قول موسى : (لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ) ، أنّه سبحانه أجاب دعوته ، وأحياهم حتى يدفع عنه عادية اعتراض القوم بأنّه ذهب بهم إلى الميعاد ، فأهلكهم. وهذا لا يتم إلا إذا كان المراد هو إحياؤهم حقيقة.
وثانيا : إنّ الرجفة لم تأخذ إلا سبعين رجلا من قومه ، فليس في إهلاكهم مظنة انقراض نسلهم.
وعلى كل تقدير فالباعث لصاحب المنار على تفسيره ، هو جنوحه إلى إنكار المغيبات ، وتطبيق ما ورد في الذكر الحكيم على العالم الحسّي التجريبي.
٦ ـ المسيح يحيي الموتى
إنّ الكتاب الحكيم يذكر في غير مورد ، إحياء المسيح للموتى. قال تعالى
__________________
(١) سورة البقرة : الآيتان ٥٥ و ٥٦.
(٢) سورة الأعراف : الآية ١٥٥.
(٣) تفسير المنار ، ج ١ ، ص ٣٢٢.