أسئلة المعاد
(٨) ما هو الغرض من عقاب المجرم أو تنعيم المحسن؟
إنّ الحكيم لا يعاقب إلا لغاية وغاية العقوبة إما التشفي كما في قصاص المجرم ، وهو محال على الله ، أو إيجاد الاعتبار في غير المعاقب ، أو تأديب المجرم ، وكلاهما يتحققان في النشأة الدنيوية لا الأخروية ، فيكون تعذيب المجرم في الآخرة عبثا لا غاية فيه.
بل ربما يقال إنّ تنعيم المؤمن أيضا بلا وجه ، لأن اللذة الجسمانية لا حقيقة لها وإنما هي دفع الألم ، فلو ترك الميت على حاله ولم يعد ، لم يكن متألما. فالغرض حاصل بدون الإعادة ، فلا فائدة فيها (١).
الجواب
إنّ السائل قد فرض أنّ المعاد أمر ممكن في ذاته ولم يدل دليل على ضرورة وقوعه ، فسأل عن الغاية الموجبة له ، ولكنه لو وقف على ما ذكرنا من الأدلة التي تحتم المعاد ، وتجعل وجوده ضروريا ، لترك السؤال. فقد عرفت أنّ هناك وجوها ستة تعرّف المعاد أمرا ضروريا لا مناص عنه ، منها كون المعاد مجلّى للعدل الإلهي ، فإذا كان وجود المعاد ، أمرا ضروريا ، فالسؤال عن غاية وهدف
__________________
(١) لاحظ شرح المواقف ، ج ٨ ، ص ٢٩٦ ، والجزء الأول من كتابنا هذا ، وقد جاء السؤال فيه أبسط مما ذكر هنا.