بل أقيمه في اليوم الأخير* لأنّ هذه هي مشيئته الذي أرسلني إن كلّ من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير» (١).
هذا ، وفي العهدين جمل أخر تصرّح أو تشير إلى يوم القيامة ، وقد اقتصرنا على ما ذكرنا روما للاختصار ، والذي نلفت النظر إليه هو عدم اهتمام يهود اليوم ، والأمّة المسيحية ، بالبعث ويوم القيامة وما فيها من الحساب والجزاء ، وهذا هو الذي أجرأهم على المعاصي ، والخلاعة ، والانحلال من كل القيم الأخلاقية ، أعاذنا الله من ذلك ، ولأجل عدم اهتمام البيع والكنائس باليوم الموعود ، صارت تلكما الأمّتين ، يهوديّة ومسيحية بالهوية الدولية ، لا أكثر.
القرآن والمعاد في الشرائع السماوية
قد بيّن الذكر الحكيم وجود تلك العقيدة في الشرائع السماوية من لدن آدم إلى المسيح ، ولأجل أن يقف الباحث على نماذج من ذلك ، نأتي ببعض الآيات الكريمات :
أ ـ إنّه سبحانه ـ بعد ما هبط آدم إلى الأرض ـ يخاطب الخليقة بخطابات عامّة ، تعرب عن أنّ الهدف من إهباطه إليها هو استقرار الخليقة في الأرض استقرارا مؤقتة محدودا ، ليعودوا بعد ذلك إلى النشأة الأخرى. وجاءت تلك الخطابات في آيات مختلفة ، نذكر منها :
ـ (قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ، وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ)(٢).
ـ (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي ، فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ، وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها ، أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٣).
__________________
(١) إنجيل يوحنّا : الأصحاح ٦ : الجملتان ٣٩ ـ ٤٠ ، ط دار الكتاب المقدس.
(٢) سورة الأعراف : الآية ٢٤.
(٣) سورة الأعراف : الآيتان ٣٥ و ٣٦.