مباحث المعاد
(٥) نماذج من إحياء الموتى في الشرائع السابقة
أثبت الحكماء لليقين مراتب ودرجات ، ولكل منها عندهم اسم خاص ، ولتبيين هذه الدرجات نأتي بمثال :
إذا سمع الإنسان اسم النار ، ولم يرها ، وقيل له إنها موجود عنصري لها هيئة خاصة ، وأثر ومعيّن في الأعضاء ، وأذعن بذلك لكون المخبرين صادقين ، فهذه مرتبة من اليقين.
ثم إذا شاهدها من بعيد ، ولكن لم تمسّ حرارتها بدنه ، وإنما رأى هيئتها ، والتهابها ، بأم عينه ، فهذه مرتبة من اليقين أقوى من السابقة.
ولكن أين هذه المرتبة مما إذا شاهدها عن كثب ومسّته حرارتها ، ففي هذه المرتبة يتكامل يقينه بها ، ويبلغ الدرجة القصوى.
وإذا كان لليقين مراتب ودرجات ، فلا لوم على الأنبياء والأولياء أن يطلبوا من الله سبحانه إحياء الموتى حتى يشاهدوه بأعينهم لإكمال مراتب يقينهم بالقيامة ، وتبديل علم اليقين فيهم بعين اليقين (١).
__________________
(١) اقتباس من قوله سبحانه. (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) (التكاثر : الآيات ٥ ـ ٧).